كشفت مصادر دبلوماسية خليجية لـ المنشر الاخباري أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يخطط لتعزيز دعمه لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتولي العرش السعودي، وسط تقارير تتحدث عن تدهور الحالة الصحية للملك سلمان بن عبد العزيز. ووفقاً للمعلومات المتوفرة، تشهد العلاقات السعودية الأمريكية تطوراً ملحوظاً منذ عودة ترامب للبيت الأبيض، مع وعود سعودية باستثمارات ضخمة قد تصل إلى تريليون دولار في الاقتصاد الأمريكي، فيما يواصل ترامب الإشادة بولي العهد السعودي ووصفه بـ”الشخص الرائع” و”رجل السلام الحقيقي” في الشرق الأوسط.
الحالة الصحية للملك سلمان تثير تساؤلات حول مستقبل العرش السعودي
تشير تقارير إعلامية متعددة إلى أن الملك سلمان البالغ من العمر 89 عاماً يعاني من تدهور في حالته الصحية. وكان الديوان الملكي السعودي قد أعلن في مايو 2024 عن خضوع الملك لفحوصات طبية في العيادات الملكية بقصر السلام في جدة، حيث تبين إصابته بالتهاب في الرئة.
وقال الديوان الملكي في بيان رسمي حينها: “قرر الفريق الطبي خضوعه في قصر السلام بجدة لبرنامج علاجي عبارة عن مضاد حيوي، حتى يزول الالتهاب بحول الله”. وأشارت التقارير أيضاً إلى معاناة الملك سلمان من ارتفاع في درجة الحرارة وآلام في المفاصل، مما استدعى إجراء الفحوصات الطبية.
وفي أكتوبر 2024، أعلن الديوان الملكي السعودي عن تماثل الملك للشفاء بعد استكمال فحوصات طبية ناجحة لالتهاب في الرئة. ويُذكر أن الملك سلمان خضع لعدة إجراءات طبية خلال السنوات الماضية، بما في ذلك عملية إزالة المرارة في عام 2020، وتغيير بطارية منظم ضربات القلب في مارس 2022.
دور محمد بن سلمان المتنامي في إدارة شؤون المملكة
يعتبر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للبلاد منذ تعيينه في عام 2017. وقد شهدت المملكة العربية السعودية خلال السنوات الماضية تغييرات اقتصادية واجتماعية كبيرة تحت قيادة الأمير محمد بن سلمان، الذي يسعى إلى تنفيذ رؤية 2030 لتنويع الاقتصاد السعودي وتقليل الاعتماد على النفط.
وتشير المصادر الدبلوماسية إلى أن الأمير محمد بن سلمان يتمتع بدعم كبير من الإدارة الأمريكية الحالية، حيث وصفه الرئيس ترامب بأنه “صاحب رؤية” و”يفعل شيئاً عظيماً”. وقال ترامب في تصريحات سابقة: “ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حقاً صاحب رؤية؛ إذ استطاع تنفيذ الكثير من الأمور التي لم يكن ليفكر بها أحد غيره. إنه يفعل شيئاً عظيماً، وهو رجل رائع”.
العلاقات الأمريكية السعودية في عهد ترامب الثاني
شهدت العلاقات الأمريكية السعودية تطوراً ملحوظاً منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض مطلع عام 2025. وقد أجرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اتصالاً هاتفياً بالرئيس الأمريكي في 23 يناير 2025، نقل خلاله تهنئة العاهل السعودي وتهنئته للرئيس ترامب على أدائه اليمين الدستورية وتوليه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.
وخلال الاتصال، بحث الجانبان سبل التعاون بين المملكة والولايات المتحدة لإحلال السلام والأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب تعزيز التعاون الثنائي لمحاربة الإرهاب. كما تناول الاتصال تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.
وعود باستثمارات سعودية ضخمة في الولايات المتحدة
أكد الأمير محمد بن سلمان خلال اتصاله مع الرئيس ترامب رغبة المملكة في توسيع استثماراتها وعلاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة في السنوات الأربع المقبلة بمبلغ 600 مليار دولار مرشحة للارتفاع حال أتيحت فرص إضافية.
وفي كلمة لاحقة، أشاد ترامب بالوعود السعودية بالاستثمار، وقال: “كما ورد اليوم في الصحف أن المملكة العربية السعودية ستستثمر ما لا يقل عن 600 مليار دولار في أمريكا، ولكنني سأطلب من ولي العهد، وهو رجل رائع، أن يقرب المبلغ إلى حوالي تريليون دولار، وأعتقد أنهم سيفعلون ذلك لأننا كنا جيدين جدًا معهم”.
وأضاف ترامب: “سأطلب أيضًا من المملكة العربية السعودية ومنظمة أوبك خفض تكلفة النفط. يجب عليكم إسقاطه، وأنا بصراحة مندهش أنهم لم يفعلوا ذلك قبل الانتخابات”.
زيارة محتملة للسعودية
كشف ترامب عن شرط ذهابه إلى السعودية كمحطة خارجية أولى مرة أخرى، حيث قال رداً على سؤال صحفي: “لقد كانت أول رحلة خارجية عادة مع المملكة المتحدة، لكنني قمت بها مع المملكة العربية السعودية في المرة الأخيرة لأنهم وافقوا على شراء منتجاتنا بقيمة 450 مليار دولار”.
وأضاف: “يومها قلت لهم: سأقوم بها، لكن عليكم شراء المنتجات الأمريكية، ووافقوا على ذلك. لقد اشتروا بقيمة 450 مليار دولار. لا أعرف، إذا أرادت المملكة العربية السعودية شراء منتجات بقيمة 450 مليار دولار أخرى أو 500 مليار دولار، فسوف نرفع المبلغ مع كل التضخم”.
تاريخ العلاقة بين ترامب ومحمد بن سلمان
تعود العلاقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والأمير محمد بن سلمان إلى ولاية ترامب الأولى (2017-2021). وقد أثارت هذه العلاقة اهتماماً كبيراً من المراقبين والمحللين السياسيين، خاصة في ظل الصراع على السلطة داخل العائلة المالكة السعودية في تلك الفترة.
في مارس 2017، عقد ترامب اجتماعاً في المكتب البيضاوي وغداء رسمياً غير متوقع مع نائب ولي العهد آنذاك الأمير محمد بن سلمان، مما أثار تساؤلات في العواصم الغربية والشرق أوسطية حول دعم ترامب له في المنافسة مع ولي العهد آنذاك الأمير محمد بن نايف على خلافة العرش السعودي.
وفي ديسمبر 2018، أكد ترامب دعمه للأمير محمد بن سلمان على الرغم من الضغوط الدولية بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي. وقال ترامب في مقابلة مع وكالة رويترز حينها: “هو زعيم السعودية، وهي حليف جيد للغاية”.
وعندما سئل ترامب عما إذا كان دعمه للمملكة يعني دعمه للأمير محمد، قال: “حسناً، يعني ذلك بالتأكيد في الوقت الحالي”. وأضاف رداً على أنباء عن مساعي بعض أفراد العائلة الحاكمة في السعودية لمنع الأمير محمد من أن يصبح ملكاً: “لم أسمع بذلك تماماً، بصراحة لا يمكنني التعليق عليه لأنني لم أسمع به على الإطلاق، في حقيقة الأمر إذا كان وصل لمسامعي شيء، فهو أنه متمكن من السلطة”.
دور السعودية المتنامي في السلام الإقليمي والعالمي
تسعى المملكة العربية السعودية إلى تعزيز دورها كوسيط في النزاعات الدولية، حيث استضافت مؤخراً محادثات بين وفدين من روسيا والولايات المتحدة بشأن الأزمة الأوكرانية. وقد عقد الوفدان الروسي والأمريكي محادثات في الرياض استمرت أكثر من 4 ساعات في 18 فبراير 2025.
وفي هذا السياق، أشاد ترامب بدور السعودية في جهود السلام، واصفاً الأمير محمد بن سلمان بأنه “رجل السلام الحقيقي بالشرق الأوسط”. وقال ترامب إنه سيعمل مع الأمير محمد بن سلمان من أجل إعادة السلام إلى المنطقة.
التنافس الخليجي على الدور الإقليمي
تشهد منطقة الخليج العربي تنافساً بين الدول الكبرى، خاصة بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، حول الدور في القضايا الإقليمية والدولية. وقد برز هذا التنافس مؤخراً في مساعي كلا البلدين لاستضافة المفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة.
وكشفت مصادر دبلوماسية أن الإمارات كانت تأمل في استضافة المفاوضات بين وفدين من روسيا والولايات المتحدة، لكن الجانب الأمريكي فضّل اختيار السعودية كمنصة للمحادثات.
مستقبل العلاقات السعودية الأمريكية
في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية، ومع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، تبدو العلاقات السعودية الأمريكية في طريقها نحو مزيد من التعاون والتنسيق، خاصة في القضايا الاقتصادية والأمنية والسياسية. وتشير التقارير الدبلوماسية إلى أن الدعم الأمريكي للسعودية بقيادة الأمير محمد بن سلمان سيكون له تأثير كبير على مستقبل المنطقة وتوازناتها.
ومع استمرار التكهنات حول مستقبل العرش السعودي في ظل الوضع الصحي للملك سلمان، تبرز أهمية الدور الأمريكي في دعم الاستقرار السياسي في المملكة، خاصة مع الوعود السعودية بضخ استثمارات ضخمة في الاقتصاد الأمريكي قد تصل إلى تريليون دولار.
وتبقى السعودية شريكاً استراتيجياً مهماً للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، ويبدو أن إدارة ترامب الثانية عازمة على تعزيز هذه العلاقة والبناء عليها لتحقيق مصالح البلدين المشتركة في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية.