تشهد العلاقات بين الجزائر والإمارات العربية المتحدة تصعيداً غير مسبوق، بعد سلسلة تصريحات نارية وتبادل اتهامات عبر وسائل الإعلام الرسمية. تبدأ القصة مع مقابلة تلفزيونية لمؤرخ جزائري على قناة إماراتية، لتتحول إلى أزمة دبلوماسية تكشف عن جذور توترات متراكمة منذ سنوات في ملفات إقليمية حساسة.
الشرارة: تصريحات مثيرة للجدل عن الهوية الأمازيغية
اندلعت الأزمة بعد بث قناة “سكاي نيوز عربية” الإماراتية مقابلة مع المؤرخ الجزائري محمد الأمين بلغيث، وصف فيها الأمازيغية بأنها “مشروع صهيوني فرنسي”. هذه التصريحات أثارت غضباً رسمياً وشعبياً في الجزائر، حيث اعتُبرت مساساً بوحدة الهوية الوطنية.
“هذه الهجمة ليست سوى محاولة يائسة من كيانات هجينة تفتقر إلى الجذور التاريخية” – التلفزيون الرسمي الجزائري
الرد الجزائري: لغة تصعيدية غير مسبوقة
ردت الجزائر عبر بيان تلفزيوني رسمي وصف الإمارات بـ”الدويلة المصطنعة”، متهمة إياها بـ”بث السموم الأيديولوجية”. كما هددت بـ”رد الصاع صاعين”، في إشارة إلى التضحيات التاريخية للشعب الجزائري.
جذور الأزمة: ملفات إقليمية متفجرة
دعم الإمارات للمغرب في الصحراء الغربية
تعود جذور التوتر إلى الدعم الإماراتي الثابت للموقف المغربي في قضية الصحراء، حيث افتتحت الإمارات قنصلية في مدينة العيون عام 2023. يعتبر هذا التحرك تحدياً مباشراً للموقف الجزائري الداعم لجبهة البوليساريو.
التنافس على النفوذ في الساحل الإفريقي
اتهمت الجزائر الإمارات بدعم الجماعات المسلحة في مالي والنيجر، عبر تمويل شركات أمنية خاصة مثل “فاغنر” الروسية [7][12]. كما تعارض الجزائر الدور الإماراتي في مفاوضات السلام بمنطقة الساحل، الذي يُنظر إليه كتهديد للنفوذ الجزائري التقليدي.
| الملف | الموقف الجزائري | الموقف الإماراتي |
|---|---|---|
| الصحراء الغربية | دعم حق تقرير المصير | اعتراف بالسيادة المغربية |
| ليبيا | دعم حكومة الوحدة الوطنية | دعم اللواء حفتر |
| التطبيع مع إسرائيل | رفض قاطع | اتفاقيات أبراهام |
التداعيات الاقتصادية: مشاريع مشتركة على المحك
بدأت الأزمة تترك آثارها على العلاقات الاقتصادية، حيث أعلنت الجزائر تعليق مشروع تجميع طائرات الهليكوبتر المشترك. كما تواجه الاستثمارات الإماراتية في قطاع التبغ والموانئ مراجعة شاملة، في خطوة قد تكبد الاقتصاد الجزائري خسائر تقدر بمليارات الدولارات.
رد الفعل الإماراتي: دبلوماسية الرد المقنع
على عكس اللهجة الجزائرية الحادة، اختارت الإمارات الرد عبر بيان دبلوماسي متزن، أكد على “التاريخ المشترك” ودعا إلى “حل الخلافات عبر الحوار”. لكن محللين يرون أن الصمت النسبي لأبوظبي يعكس ثقة بقوتها الاقتصادية والدبلوماسية.
السياق الداخلي: تصدير الأزمة أم إدارتها؟
يربط مراقبون بين التصعيد الحالي والأزمات الداخلية في الجزائر، حيث تسعى السلطات لصرف الانتباه عن:
- الأزمة الاقتصادية المتفاقمة مع انهيار قيمة الدينار
- الاحتقان الاجتماعي بسبب تقييد الحريات
- فشل سياسات الطاقة في ظل تراجع أسعار النفط
في هذا الصدد، يرى الخبير السياسي د.عمر بلكحل: “الخطاب العدائي يمثل صمام أمان لنظام يواجه تحديات وجودية، لكنه قد يؤدي لعزل الجزائر إقليمياً” .
مستقبل الأزمة: سيناريوهات محتملة
تتجه التوقعات نحو ثلاثة مسارات رئيسية:
- احتواء سريع عبر وساطة عربية أو دولية
- تجميد العلاقات الدبلوماسية مؤقتاً
- تصعيد إضافي يؤثر على أمن الطاقة الإقليمي
في الختام، تظل هذه الأزمة اختباراً حقيقياً لحكمة القيادات في كلا البلدين، وفيما إذا كانت المصالح المشتركة ستتغلب على الخلافات الأيديولوجية.










