تشهد منطقة رأس العين شمال غربي محافظة الحسكة، الخاضعة لسيطرة فصائل ما يعرف بـ”الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، تدهورا متسارعا في أوضاع المقاتلين والعناصر، وسط تصاعد في الشكاوى من تأخر دفع الرواتب، واتهامات متزايدة بالفساد المالي والإداري تطال قادة بارزين في هذه الفصائل.
رواتب متأخرة واقتطاعات غير مبررة
بحسب شهادات عدد من العناصر، تتراوح الرواتب المقررة ما بين 500 إلى 650 ألف ليرة سورية شهريا (أي ما يعادل 65 إلى 80 دولارا)، لكنها لا تدفع بشكل منتظم، وغالبا ما تقتطع منها مبالغ دون تقديم أي توضيحات.
وقال أحد العناصر ويدعى “عمر” لـفجر.كوم:
“المنحة التي وعدنا بها في العيد تمت سرقتها، وهناك عناصر لم يتقاضوا رواتبهم منذ ثلاثة أشهر، خصوصا ضمن فصائل مثل فيلق الرحمن والحمزات والسلطان مراد”.
أوضاع معيشية منهكة وتهريب للخروج
تفاقمت الأزمة لدرجة دفعت عناصر إلى محاولة مغادرة المنطقة بطرق التهريب، وسط تحذيرات من تعرضهم للاعتقال أو الإهانة من قبل “الشرطة العسكرية” في حال اكتشافهم.
بحسب تقارير ميدانية، تتطلب محاولة الخروج من المنطقة مبالغ تصل إلى 150 دولارا للفرد، فيما تتحدث مصادر عن تورط قادة فصائل في تنظيم عمليات التهريب مقابل أرباح مالية.
وأكد أحد عناصر “جيش الإسلام” أن خمسة مقاتلين غادروا رأس العين بداية الشهر الجاري، برفقة عائلاتهم، بعد بيع منازل وأراض لا يملكونها أصلا، سبق أن استولوا عليها خلال سنوات الحرب.
انعدام المحاسبة وتآكل الثقة
يرى كثير من المقاتلين أن “الفساد في رأس العين بات ممنهجا”، وأن الحكم العسكري المحلي يفتقر لأي آليات رقابة أو محاسبة حقيقية. وأوضح مصدر محلي أن العناصر فقدوا الثقة بقياداتهم، بعد ما وصفوه بـ”التكريم المستمر للمفسدين بدل محاسبتهم”.
وأفاد “المرصد السوري لحقوق الإنسان” أن 5 عناصر من “الجيش الوطني” غادروا المنطقة مع 37 فردا من عائلاتهم خلال الأسبوع الأول من مايو، في ظل الانقطاع التام للرواتب وعدم وجود دعم مالي.
تراجع أمني وخدمي… ومخاوف من إعادة السيطرة
في ظل استمرار الانهيار المالي وتراجع الوضعين الأمني والخدمي، تنتشر قناعة بين العديد من المقاتلين بأن المنطقة قد تعاد قريبا إلى سيطرة “الإدارة الذاتية” الكردية، وهو ما يدفع بعضهم إلى تسوية أوضاعهم بطرق فردية.
يبقى غياب أي استجابة رسمية أو تدخل من الجانب التركي أو الائتلاف السوري المعارض، أحد أبرز أسباب احتقان القواعد المقاتلة، في منطقة توصف اليوم بأنها على شفا انفجار داخلي.










