في خطوة جديدة تثير الجدل وتكشف عن أزمة إدارة السوق في مصر، أعلن وزير التموين والتجارة الداخلية الدكتور شريف فاروق عن إطلاق تطبيق إلكتروني يحمل اسم رادار الأسعار، هدفه تمكين المواطنين من الإبلاغ عن السلع مرتفعة الثمن عبر تصويرها وتحديد موقعها الجغرافي، على أن تقوم الوزارة لاحقًا بتحليل البلاغات وتوجيه المواطن إلى أماكن توفر نفس السلعة بسعر أقل.
رادار الأسعار المواطن هو الرقيب والحكومة تراقب من بعيد
التطبيق الذي شهد في نسخته التجريبية مشاركة نحو أربعة آلاف مواطن فقط، يعكس فلسفة جديدة في الرقابة على الأسواق، تحميل المواطن مسؤولية مواجهة جشع التجار، بينما تكتفي الجهات الرقابية الرسمية بمتابعة البلاغات وتحليلها، في ظل استمرار حملات التموين وإلزام التجار بوضع تسعيرة واضحة على السلع. ويتيح التطبيق للمستخدمين تحديد الموقع والمتجر وسعر السلعة، وإرفاق صورة للسعر، مع إمكانية البحث عن أسعار السلع في النطاق الجغرافي المحيط بهم، والإبلاغ عن أي مخالفات أو غلاء.
سبعة سلع فقط والشفافية تحت المجهر
ورغم الضجة الإعلامية حول التطبيق، إلا أن رادار الأسعار يقتصر في مرحلته الأولى على سبع سلع استراتيجية فقط، ما يثير تساؤلات حول جدوى التطبيق في ظل اتساع قائمة السلع التي تشهد ارتفاعات غير مسبوقة في الأسعار. ويشترط التطبيق إدخال بيانات شخصية مثل رقم الهاتف والبريد الإلكتروني لإنشاء حساب، ما أثار انتقادات بعض المستخدمين بشأن الخصوصية والسهولة.
غياب الردع
تؤكد الحكومة أن التطبيق سيعزز الشفافية ويزيد من تنافسية السوق، إذ يسعى الموردون لبيع السلع بأقل سعر ممكن حتى يظهروا في التطبيق كخيار مفضل للمستهلكين. لكن خبراء الاقتصاد ونواب البرلمان يرون أن التطبيق وحده لن يحد من الغلاء، ما لم تصاحبه رقابة حقيقية على التجار الكبار ومحتكري السلع، وتطبيق عقوبات رادعة بحق المخالفين، وهو ما لم يحدث حتى الآن بحسب تصريحاتهم.
الإتاحة شعار والغلاء مستمر
في الوقت الذي تروج فيه وزارة التموين لفكرة الإتاحة كحل سحري لضبط الأسواق، عبر ضخ كميات كبيرة من السلع بأسعار مناسبة لإجبار المتلاعبين على الالتزام بالأسعار الرسمية، تظل حقيقة السوق مغايرة، مع استمرار موجات الغلاء وغياب حلول جذرية لمشكلة الاحتكار وضعف الرقابة الفعلية.
رادار الأسعار التطبيق الذي يرصد الأسعار ولا يوقفها
هكذا يجد المواطن نفسه مرة أخرى في قلب المعركة، يحمل هاتفه ويطارد الأسعار المرتفعة، بينما يكتفي المسؤولون بتلقي البلاغات وتحليل البيانات، في انتظار أن تهبط الأسعار من شاشة التطبيق إلى رفوف المحلات. فهل يكفي رادار الأسعار وحده لضبط السوق، أم أن الأزمة أكبر من مجرد تطبيق؟ الإجابة حتى الآن ما زالت في جيب المواطن لا في يد الحكومة.











