تشهد الساحة المصرية حالةً من الجدل المكثف حول تعديلات قانون الإيجار القديم، الذي يهدف إلى إعادة هيكلة العلاقة بين الملاك والمستأجرين بعد عقود من التثبيت الإجباري لقيم الإيجارات. تأتي التعديلات -التي تناقشها لجنة الإسكان بمجلس النواب- وسط تحذيرات من “تهجير ناعم” للطبقات المتوسطة والفقيرة من المناطق المركزية، وضغوط من كبار المستثمرين لتحرير السوق العقاري.
محاور التعديلات المثيرة للجدل
زيادة الإيجارات بنسبة 20 ضعفاً للوحدات السكنية (بحد أدنى 1000 جنيه في المدن و500 جنيه في القرى)، و5 أضعاف للوحدات التجارية.
زيادة سنوية بنسبة 15% لمدة خمس سنوات، مع إنهاء جميع العقود بعد هذه المدة ما لم يتفق الطرفان على تجديد.
إلزام المستأجرين بالإخلاء الفوري بعد انتهاء العقد، مع منح المالكين حق طلب “أمر طرد” عبر المحاكم دون انتظار التقاضي.
نجيب ساويرس: وجه الضغط الاستثماري
برز رجل الأعمال نجيب ساويرس كأبرز الداعمين العلنيين للتعديلات، حيث صرّح: “عندنا عمارة في المهندسين بتجيب إيجار 18 جنيهًا، بينما تكلفة الصيانة تتجاوز 300 جنيه شهريًا”. هذه التصريحات تعكس معاناة شريحة من الملاك، لكنها أثارت شكوكًا حول دوافع ساويرس الاستثمارية، خاصةً مع مشروعاته لتطوير “وسط البلد” وتحويلها إلى منطقة راقية، ما يتطلب إخلاء آلاف المستأجرين.
اتهامات لساويرس:
استخدام نفوذه لتسريع التعديلات لصالح استثمارات شركته “أورا” العقارية.
تصريحات مثيرة وصف فيها سكان العشوائيات بـ”بلطجية”، مما أشعل حملات على وسائل التواصل تحت هاشتاج #ساويرسيستغلالقانون.
مخاوف اجتماعية واقتصادية
1.8 مليون أسرة مهددة بالفقر وفق تقديرات المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، بسبب عدم قدرة الكثيرين على تحمل الزيادات.
ارتفاع نسبة التشرد إلى 12% في السيناريو المتشائم لمركز البحوث الاقتصادية بجامعة القاهرة.
تفريغ المناطق التاريخية مثل وسط القاهرة لصالح المشروعات الفاخرة، مما يُفقد المدينة تنوعها الاجتماعي.
الحكومة بين الطمأنة والضغوط
أكد المستشار محمود فوزي -وزير الشؤون القانونية- أن القانون يهدف لـ”تحقيق التوازن”، مع وعد بتوفير وحدات سكنية بديلة للفئات الأكثر احتياجًا. لكن الخبراء يشككون في جدوى هذه الخطط وسط عجز سكني يقدر بـ3 ملايين وحدة.
تظل إشكالية القانون الجديد مرآةً للتحولات الجذرية في السياسات الاقتصادية المصرية، حيث تتصادم الرؤى الاستثمارية الطموحة مع الحقوق الاجتماعية التاريخية، في معركة قد تُعيد تشكيل خريطة القاهرة الديموغرافية والاقتصادية للأبد.










