إدارة ترامب وليبيا: مفاوضات سرية لتقاسم مليارات الدولارات المجمدة
كشف تقرير لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني عن مفاوضات سرية بين حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تتعلق بتقاسم مليارات الدولارات من الأصول الليبية المجمدة في الخارج منذ سقوط نظام القذافي.
صفقة بمليارات الدولارات
وفقاً للتقرير الذي نشره الموقع في 8 مايو 2025، فإن حكومة رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة عرضت على إدارة ترامب مساعدتها في الإفراج عن حوالي 30 مليار دولار من الأموال الليبية المجمدة، مقابل حصول الولايات المتحدة على نحو 10 مليارات دولار لإعادة استثمارها في مشاريع البنية التحتية والطاقة في ليبيا.
وكشفت مصادر مطلعة للموقع البريطاني أن مسعد بولس، كبير مستشاري ترامب لشؤون أفريقيا والشرق الأوسط، ناقش هذه الخطة مع مستشار الأمن القومي الليبي إبراهيم الدبيبة في الدوحة نهاية أبريل الماضي.
ويعد بولس شخصية مقربة من عائلة ترامب، فهو والد زوجة تيفاني ابنة الرئيس الأمريكي، ويستخدم قطر كقاعدة للتفاوض على صفقات إقليمية، حيث نجح مؤخراً في التوسط لاتفاق سلام بين الكونغو ورواندا.
الأموال الليبية المجمدة: قصة طويلة
تم تجميد نحو 30 مليار دولار من أصول صندوق الثروة السيادية الليبي في عام 2011 خلال الانتفاضة ضد نظام معمر القذافي، بقرار من إدارة أوباما أولاً ثم بقرار من مجلس الأمن الدولي.
وتقدر القيمة الإجمالية لصندوق الثروة السيادية الليبي، الذي أسسه القذافي في عام 2006، بنحو 70 مليار دولار، موزعة بين ودائع نقدية وأسهم وعقارات، وتتوزع هذه الأصول بين الولايات المتحدة وأوروبا، مع تركز معظمها في أوروبا.
وشهد ملف الأموال الليبية المجمدة تطوراً إيجابياً في يناير 2025، عندما قرر مجلس الأمن الدولي السماح لصندوق الثروة السيادية الليبي بإعادة استثمار عوائد الاحتياطيات النقدية المجمدة في استثمارات منخفضة المخاطر.
سياق سياسي معقد
تأتي هذه المفاوضات في ظل استمرار الانقسام السياسي في ليبيا بين حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس بقيادة عبد الحميد الدبيبة، المعترف بها دولياً، وحكومة في الشرق بقيادة المشير خليفة حفتر.
ويرى محللون أن عرض حكومة طرابلس قد يكون محاولة لجذب إدارة ترامب بعيداً عن دعم حفتر، خاصة بعد استضافة بولس ودبلوماسي أمريكي آخر لصدام، نجل حفتر الأكبر، في وزارة الخارجية الأسبوع الماضي.
على الرغم من أن سلطة حكومة طرابلس على صندوق الثروة السيادية غير متنازع عليها نسبياً، إلا أن منحها حق الوصول الكامل إلى مليارات الصندوق مع استمرار انقسام البلاد وعدم وجود جدول زمني للانتخابات، قد يثير ردود فعل سلبية من المجتمع الدولي والليبيين أنفسهم.
نهج ترامب التجاري في السياسة الخارجية
يتماشى الاقتراح الليبي مع نهج إدارة ترامب التجاري في السياسة الخارجية. فقد أبرمت الولايات المتحدة مؤخراً صفقة مع أوكرانيا تتيح لها الوصول إلى المعادن الحيوية مقابل ضمان أولوية الحصول على مشاريع إعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب مع روسيا.
كما يبدي ترامب اهتماماً بالمعادن الحيوية في أفريقيا، وقد عرض على مصر صفقة مماثلة، طالباً منها السماح للسفن الأمريكية بالمرور المجاني عبر قناة السويس.
وكانت شركتا هاليبرتون وهانيويل إنترناشونال الأمريكيتان قد أعلنتا عن مشاريع طاقة في ليبيا في عام 2023، لكن تطويرها كان بطيئاً، وقد تسهم الصفقة المحتملة في تسريع تنفيذ هذه المشاريع وجذب استثمارات أمريكية جديدة إلى ليبيا.
تحديات وآفاق
على الرغم من الفرص الاقتصادية التي قد تتيحها هذه الصفقة لليبيا، إلا أنها تواجه تحديات عديدة، أبرزها المخاوف المتعلقة بالشفافية والحوكمة في ظل غياب إصلاحات في صندوق الثروة السيادية.
وتشير المصادر إلى أن الولايات المتحدة لا تزال في مرحلة تقييم الاقتراح الليبي، وأنها لم تشترط إجراء انتخابات في ليبيا كشرط للمساعدة في تحرير الأموال المجمدة.
وفي ظل الزخم العالمي المتزايد نحو إلغاء تجميد الأموال الليبية، والذي أشار إليه خبراء في الشأن الليبي، قد تمثل هذه المفاوضات فرصة حقيقية لليبيا لاستعادة جزء من ثرواتها المجمدة في الخارج، وتوظيفها في مشاريع التنمية والبنية التحتية التي تحتاجها البلاد بشدة بعد سنوات من الصراع والانقسام.