في تصعيد لافت للهجمات على العاصمة المؤقتة بورتسودان، أعلنت القوات المسلحة السودانية اليوم الجمعة عن إسقاط ثلاث طائرات مسيرة انتحارية كانت تحلق في سماء المدينة الواقعة شمال شرق البلاد. وأكدت مصادر عسكرية أن المضادات الأرضية رصدت الطائرات المسيرة واستهدفتها بنجاح قبل أن تصل إلى أهدافها المحتملة، وسط حالة من القلق الشعبي والتأهب الأمني المتواصل.
استهداف منشآت استراتيجية
تشير المعلومات الأولية إلى أن الطائرات المسيرة كانت تستهدف منشآت حيوية واستراتيجية داخل المدينة، أبرزها قاعدة فلامنغو البحرية ومقر الكلية الجوية شمالي بورتسودان. ودوّت أصوات المضادات الأرضية في أرجاء المدينة، وسط تقارير عن سماع انفجارات قوية وشهود عيان أفادوا برؤية الرشقات النارية تتصدى للأجسام الطائرة.
هجمات مستمرة لليوم السادس
يأتي هذا الهجوم ضمن سلسلة من الضربات الجوية التي تنفذها قوات الدعم السريع لليوم السادس على التوالي، والتي شملت أيضًا استهداف قاعدة عثمان دقنة الجوية، مستودعات النفط الاستراتيجية، ومنشآت تجارية قرب الميناء الجنوبي. وكان الجيش قد أعلن أمس الخميس عن إسقاط أكثر من عشر مسيرات حاولت استهداف مواقع شمال وجنوب المدينة، ما يعكس تصعيدًا مستمرًا وغير مسبوق.
توسع رقعة الهجمات الجوية
الهجمات لم تقتصر على بورتسودان، بل امتدت إلى مدن أخرى بينها كوستي وكنانة في ولاية النيل الأبيض، مروي في ولاية نهر النيل، كسلا شرقًا، والأبيض غربًا. وفي أحدث التطورات، استهدفت طائرة مسيرة صباح اليوم مستودعًا للنفط بمدينة عطبرة شمالي السودان، ما أدى لاشتعال النيران في المنشأة، في ثالث استهداف من نوعه للمدينة خلال أيام.
جهود الجيش في صد المسيرات
بحسب مصادر عسكرية، أسقطت الدفاعات الجوية السودانية أكثر من 30 مسيرة معادية خلال الأسبوع الجاري في مختلف أنحاء البلاد. وتُعد بورتسودان، بصفتها العاصمة الإدارية المؤقتة والميناء البحري الرئيسي، هدفًا محوريًا لهذه الهجمات، ما دفع الجيش إلى تعزيز دفاعاته بشكل مكثف فيها وفي المدن المحيطة بها.
رغم ذلك، أكدت هيئة الموانئ البحرية أن العمليات التجارية تسير بصورة طبيعية دون تأثر كبير، وذلك بفضل الاعتماد على المولدات الكهربائية الداخلية التي تغذي الرافعات والمعدات.
قراءة في أبعاد التصعيد
يشير هذا التصعيد باستخدام الطائرات المسيّرة إلى تحوّل نوعي في تكتيكات قوات الدعم السريع، التي باتت تعتمد على الحرب عن بُعد لضرب العمق الاستراتيجي للجيش السوداني دون اشتباك مباشر. وفي المقابل، يُظهر الجيش قدرة متزايدة على رصد التهديدات الجوية والرد عليها، لكنه يواجه في الوقت نفسه ضغوطًا متزايدة لتأمين المدن والبنى التحتية.
سياسيًا، فإن استمرار استهداف بورتسودان، رغم رمزيتها كعاصمة بديلة، يعكس رغبة الدعم السريع في تقويض أي استقرار نسبي وفرض معادلة ميدانية جديدة، قد تعقّد أي مبادرات دولية أو إقليمية لحل الأزمة. كما تشكل الهجمات خطرًا على النشاط التجاري في الميناء الحيوي، ما يهدد بتفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية في البلاد.
وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، تظل احتمالات التصعيد واردة، ما لم تتدخل أطراف دولية فاعلة لوقف النزيف الأمني ومنع انزلاق السودان نحو مزيد من التفكك والصراع.