عاصفة من الغضب تجتاح الشارع المصري عقب تصريحات ساويرس عن دور الجيش الاقتصادي
شهدت مصر خلال الساعات الأخيرة موجة غضب واسعة في أعقاب تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها رجل الأعمال البارز نجيب ساويرس حول الدور الاقتصادي للجيش المصري. وصلت الأزمة إلى حد تقديم بلاغ للمدعي العام العسكري ضده، وسط تبادل للاتهامات بين مؤيدين ومعارضين، في أحدث حلقات الجدل حول دور المؤسسة العسكرية في الاقتصاد المصري.
ماذا قال ساويرس؟ تفاصيل التصريحات المثيرة للجدل
خلال مقابلة أجريت معه في بوسطن بمعهد السياسة العامة للشرق الأوسط أثناء زيارته لجامعة هارفارد، انتقد رجل الأعمال نجيب ساويرس النشاط الاقتصادي للجيش المصري، واصفاً إياه بـ”الخطأ الاستراتيجي” الذي لا يشجع المستثمرين المصريين والأجانب.
وقال ساويرس في تصريحاته: “ليس هناك سيطرة من الدولة على القطاع الخاص ولكن هناك مزاحمة للقطاع الخاص، وهذا خطأ استراتيجي لأن ذلك يجعل المستثمرين المصريين والأجانب يشعرون بالخوف، فمثلا إذا جاء مستثمر من الخارج وأراد إنشاء مصنع مياه معدنية، ويجد أن هناك مصنع مياه معدنية ملك الجيش ولا يدفع ضرائب أو عمالة فهذا سيدفعه للتراجع عن إنشاء المصنع”.
وأضاف: “مهمة الجيش هي حماية مصر ويكون لديه صناعة حربية محلية ولا يعتمد على الدول الأخرى. المفترض أن الجيش يستثمر في كل الصناعات المغذية لأدواته”، مشيراً إلى نموذج تركيا في تصنيع السلاح: “عيب أن تركيا أكبر دولة في تصنيع الطائرات المسيرة ومن أكبر الدول المصدرة للسلاح، وأحنا مش سبقنا… المفترض الاعتماد على النفس بدلاً من مزاحمة القطاع الخاص في البسكويت والجمبري”.
إعلاميون ومسؤولون يشنون هجوماً حاداً ضد ساويرس
أثارت تصريحات ساويرس موجة من الغضب والاستنكار في الشارع المصري، خاصة بين المؤيدين للمؤسسة العسكرية. وكان الإعلامي محمد الباز، رئيس تحرير جريدة الدستور، من أوائل المنتقدين، حيث طالب بتدخل المدعي العام العسكري للتحقيق مع رجل الأعمال.
وكتب الباز عبر حسابه على فيسبوك: “لو يعرف نجيب ساويرس يعني إيه جيش مصر، مكنش اتكلم عنه بالطريقة الصبيانية دي”، وأضاف أن “الكلام الذي قاله ساويرس عن الجيش المصري في إحدى مقابلاته التلفزيونية يستحق المساءلة”.
بلاغ رسمي للمدعي العام العسكري
لم تتوقف الأمور عند حد الانتقادات، بل تطورت إلى إجراء قانوني، حيث تقدم الإعلامي محمد الباز ببلاغ رسمي إلى المدعي العام العسكري ضد ساويرس.
وأوضح الباز في بلاغه أن تصريحات ساويرس تضمنت إشارات سلبية غير لائقة تجاه القوات المسلحة، وأكد أنه لا يمكن السكوت عليها، وأنه من الضروري محاسبة أي شخص يسعى للنيل من الجيش المصري بأي شكل من الأشكال.
حملة “صهيونية إخوانية”
من جانبه، شن النائب والإعلامي مصطفى بكري هجوماً حاداً على ساويرس، قائلاً: “من العيب أن تتحدث عن جيش بلدك بهذه الطريقة، وأنت تعلم أن هذا الجيش العظيم هو من أنقذ البلاد، ويحمي أمنها القومي”.
وأضاف بكري أن تصريحات ساويرس “تتطابق تماماً مع نفس ادعاءات جماعة الإخوان الإرهابية”، مشيراً إلى أنها “تأتي في إطار الحملة الصهيونية ضد الجيش”.
كما تساءل بكري عن أسباب ما وصفه بـ”العداء المتكرر” من ساويرس تجاه الجيش المصري، قائلاً: “لا تمر مناسبة إلا وتشهّر به، وكأن هناك ثأراً شخصياً”.
رد نجيب ساويرس على الانتقادات
في مواجهة الانتقادات اللاذعة، دافع ساويرس عن نفسه ونشر تغريدة على حسابه بمنصة “X” (تويتر سابقاً) أكد فيها أنه “معروف بوطنيته” وأن البعض من “جماعة الإخوان” يحاولون “الصيد في الماء العكر”.
وقال ساويرس في تغريدته: “إلى هواة الصيد في المياه العكرة من تنظيم الإخوان البغيض… أعلمكم أن حديثي الأخير جاء لمحبتي وتقديري وحرصي على جيش مصر العظيم ورغبتي أن يكون في صدارة جيوش العالم”.
وأضاف: “إن محاولة تأويل كلامي على أنه إقلال من جيشنا الوطني لن تجدي، فأنا معروف بوطنيتي وحبي لمصر وتقديري لجيشنا العظيم”.
خبير أمني: تصريحات ساويرس “محض افتراء”
دخل الخبير في شؤون الأمن القومي المصري محمد مخلوف على خط الأزمة، حيث وصف تصريحات ساويرس بأنها “مرفوضة” و”محض افتراء”، مضيفاً أنه “من غير المقبول الحديث عن القوات المسلحة بهذه الطريقة وبكلام غير دقيق”.
وأكد مخلوف أن “الجيش المصري خط أحمر وهذه التصريحات أثارت غضب الشعب المصري الذي يكن كل الحب والتقدير لجيشه ويعلم أنه هو الذي أنقذ الوطن من مختلف المؤامرات وهو الذي يحمي الأمن القومي المصري”.
الصناعات الدفاعية المصرية والتنمية… حقائق وأرقام
رداً على تصريحات ساويرس، أشار العديد من المدافعين عن الجيش إلى تطور قطاع الصناعات الدفاعية المصري خلال السنوات الأخيرة، مؤكدين أن مصر استطاعت تصميم وتطوير وتصنيع عشرات الطرازات المختلفة من المركبات المدرعة والطائرات المسيرة وأنظمة التسليح المتنوعة.
كما أكد مخلوف أن القوات المسلحة لا تنافس القطاع الخاص، بل إن هناك أكثر من 4500 شركة قطاع خاص تتعاون مع القوات المسلحة في تنفيذ المشروعات، وجنت هذه الشركات أرباحاً كبيرة.
وأشار مصطفى بكري إلى أن شركة أوراسكوم المملوكة لعائلة ساويرس “حققت في 7 سنوات أرباحاً ضخمة بعد أن حصلت وحدها على مشروعات قدرت قيمتها بـ75 مليار جنيه”.
وقد عرف نجيب ساويرس بآرائه الصريحة وتصريحاته المثيرة للجدل في قضايا مختلفة، حيث سبق له أن أثار أزمات مماثلة بسبب تعليقاته على منصات التواصل الاجتماعي أو في مقابلاته الإعلامية.










