في خطوة مثيرة للجدل، أعلنت الحكومة المصرية عن نيتها طرح 10 شركات حكومية للبيع خلال العام الحالي 2025 ، بينها 4 شركات تابعة للجيش، ضمن خطة طموحة لخصخصة 32 شركة بحلول 2026. يأتي هذا القرار في وقت يعاني فيه الاقتصاد المصري من تحديات كبيرة، مما يطرح تساؤلات حول جدوى هذه الخطوة وتوقيتها.
تفاصيل الخطة:
تشمل الشركات المطروحة للبيع قطاعات حيوية:
- شركات بتروكيماويات تسيطر على 40% من السوق المحلي
- شركات اتصالات تمتلك بنية تحتية قومية
- شركة نقل عام تخدم 5 ملايين مواطن يومياً
- شركات عسكرية تدر أرباحاً سنوية تصل لـ500 مليون دولار
السياق الاقتصادي:
تأتي هذه الخطوة في ظل:
- أزمة ديون خارجية تصل إلى 165 مليار دولار
- تراجع الاستثمارات الأجنبية بنسبة 35% خلال العام الماضي
- ضغوط من صندوق النقد الدولي لتنفيذ إصلاحات اقتصادية
- تراجع مؤشر البورصة الرئيسي بنسبة 25% خلال 2023
المأزق الاقتصادي
تعيش مصر واحدة من أصعب الأزمات الاقتصادية في تاريخها الحديث، حيث تواجه تحديات متشابكة تدفعها نحو سياسة الخصخصة كحل أخير. فبعد سنوات من الاعتماد على القروض الخارجية والسياسات الانكماشية، وصل الدين العام إلى 165 مليار دولار (97% من الناتج المحلي الإجمالي)، بينما تجاوز عجز الموازنة 6% من الناتج.
واجه الاقتصاد المصري صدمات متتالية منذ 2016:
- تحرير سعر الصرف الذي أدى إلى فقدان الجنيه 75% من قيمته
- جائحة كورونا التي كبدت الخسائر 15 مليار دولار
- الأزمة الروسية الأوكرانية التي رفعت فاتورة الواردات 8 مليارات دولار سنوياً
- أزمة قطاع السياحة الذي انخفضت إيراداته 70% خلال الأزمات
وفي ظل هذه التحديات، اضطرت مصر إلى:
- اللجوء لصندوق النقد الدولي 3 مرات خلال 6 سنوات
- بيع احتياطي الذهب الذي انخفض من 79 طناً إلى 44 طناً
- تجميد مشروعات كبرى بقيمة 25 مليار دولار
السياق التاريخي:
تجربة مصر مع الخصخصة ليست جديدة، حيث:
- بيعت 314 شركة بين 1991-2011 بقيمة 51 مليار جنيه
- فشل 60% من هذه الصفقات في تحقيق أهدافها
- أدت إلى تسريح 250 ألف عامل
- تسببت في احتكارات أضرت بالمستهلك
تحليل عميق للإيجابيات:
- سيولة فورية قد تصل لـ3 مليارات دولار
- خفض خدمة الدين التي تستهلك 45% من الإيرادات
- نقل التكنولوجيا عبر شركاء استراتيجيين
- تحسين الإدارة في شركات تعاني من البيروقراطية
المخاطر الجسيمة:
- فقدان السيطرة على قطاعات استراتيجية
- ارتفاع الأسعار كما حدث مع شركات الغاز بعد خصخصتها
- البطالة المقنعة حيث قد يفقد 30% من العاملين وظائفهم
- التبعية الأجنبية في قطاعات حيوية
التجارب الدولية:
تشير دراسات البنك الدولي إلى أن:
- 70% من برامج الخصخصة في الدول النامية فشلت
- النجاحات اقتصرت على دول ذات:
- أنظمة رقابية قوية
- أسواق رأسمالية ناضجة
- تشريعات حماية للمستهلك
السيناريوهات المستقبلية:
- السيناريو المتفائل (15% احتمال):
- جذب استثمارات نوعية
- تحسن مؤشرات البورصة 20%
- خلق 50 ألف فرصة عمل جديدة
- السيناريو المتوسط (60% احتمال):
- تحقيق نصف الأهداف
- استمرار الأزمة ولكن بوتيرة أبطأ
- تأثير محدود على المواطن العادي
- السيناريو المتشائم (25% احتمال):
- فشل في جذب مستثمرين جادين
- تفاقم الأزمة الاقتصادية
- موجات غلاء جديدة
الخاتمة:
تقف مصر عند مفترق طرق، فبينما تمثل الخصخصة خياراً لا مفر منه في ظل الأزمة الحالية، فإن نجاحها يتطلب ضمانات غير متوفرة حالياً. يحتاج الأمر إلى:
- خطة واضحة لاستخدام العائدات
- حماية الطبقة المتوسطة من تبعات القرار
- ضمانات للمستثمرين في ظل عدم استقرار سعر الصرف
- آليات رقابية صارمة لمنع الفساد
السؤال الأكبر: هل تمتلك مصر رفاهية الاختيار أم أن الظروف فرضت عليها هذا المسار؟ الإجابة ستكشفها الأشهر القادمة التي ستحدد مصير الاقتصاد المصري لأعوام قادمة.











