في تطور لافت على الساحة الجيوسياسية للقرن الأفريقي، تسعى كل من قطر والصين إلى تعزيز علاقاتهما مع ولاية خاتمة الناشئة في شمال الصومال، في خطوة وصفها محللون بأنها تهدف إلى مواجهة النفوذ المتزايد لدولة الإمارات العربية المتحدة وتايوان في منطقة أرض الصومال الانفصالية.
تغطي ولاية خاتمة، المعروفة اختصارا باسم “SSC-Khatumo”، مناطق سول وسناج وكاين، وتقع في موقع استراتيجي يحدها من الشرق إقليم بونتلاند، ومن الجنوب المنطقة الصومالية في إثيوبيا، ومن الغرب أرض الصومال، ومن الشمال ولاية مخير.
وقد أعلن شيوخ عشيرة دولبهانتي في 6 فبراير 2023 نيتهم تشكيل حكومة محلية باسم “خاتمة”، الأمر الذي حظي بدعم رسمي من الحكومة الفيدرالية الصومالية في أكتوبر من نفس العام، مؤكدين أن الولاية ستكون تحت إشراف مقديشو وليس أي كيان إقليمي آخر.
في هذا السياق، عقد السفير القطري لدى الصومال مؤخرا اجتماعا مغلقا في مقديشو مع عبد القادر فردهية، رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي، ما يشير إلى انخراط قطري مباشر في المشهد السياسي والأمني في الشمال.
وبينما لم تعلن تفاصيل الاجتماع، يرى مراقبون أن قطر تسعى إلى تقوية حضورها في مناطق شمال الصومال كجزء من استراتيجية أوسع لتعطيل النفوذ الإماراتي، لا سيما في بونتلاند وأرض الصومال.
من جانبها، أجرت الصين، التي توسع من تدخلها في شؤون القرن الأفريقي، محادثات دبلوماسية مشابهة مع قيادات من مجلس الأمن القومي الصومالي، في مؤشر واضح على اهتمام بكين بالمنطقة. ووفقا لرشيد عبدي، المحلل في مركز ساهان للبحوث، فإن الصين ترى في المجلس الصومالي شريكا محتملا لمواجهة التقارب المتنامي بين تايوان وأرض الصومال.
المنطقة التي تسيطر عليها ولاية خاتمة تعد غنية بالموارد الطبيعية، لا سيما النفط والغاز، ما يجعلها موضع اهتمام متزايد من دول وشركات تسعى لاستغلال هذه الاحتياطات غير المستغلة.
كما تسعى الحكومة الفيدرالية في مقديشو إلى استقطاب استثمارات أجنبية – بينها أمريكية – من خلال طرح تراخيص استكشاف وإنتاج في مزادات علنية.
وفي المقابل، تدفع هذه التحركات القوى الإقليمية التقليدية مثل أرض الصومال وبونتلاند إلى تعزيز تعاونها لمواجهة الصعود المتسارع لكيان خاتمة، الذي يهدد بتقويض سلطتهما على المناطق المتنازع عليها في الشمال.
ويرى محللون أن الإمارات، التي تمتلك استثمارات استراتيجية في موانئ ومشاريع بنية تحتية في هرجيسا وغاروي، تتابع هذا التحول عن كثب، وربما تسعى وراء الكواليس لتعزيز حضورها الإقليمي ومنع تآكل نفوذها لصالح قوى منافسة مثل الصين وقطر.










