في خطوة وصفت بـ”التاريخية”، أعلن حزب العمال الكردستاني -الذي تصنفه تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منظمة إرهابية- عن حلّ هيكله التنظيمي وإنهاء الكفاح المسلح خلال مؤتمره الثاني عشر المنعقد بين 5 و7 مايو 2025.
جاء الإعلان الرسمي عبر بيان نشره الحزب يوم 12 مايو، تلاه تصريح لوكالة “فرات” الإخبارية المقربة منه، مؤكداً نهاية مرحلة امتدت 47 عاماً من المواجهات المسلحة مع الدولة التركية.
الخلفية التاريخية: من التأسيس إلى الحلّ
تأسس الحزب عام 1978 على يد عبد الله أوجلان مع مجموعة من المناضلين الأكراد، مستوحياً أفكاره من الماركسية-اللينينية وحق تقرير المصير. تحول إلى الكفاح المسلح عام 1984، مُطلقاً سلسلة عمليات عسكرية في جنوب شرق تركيا، ما أدى إلى صراع دموي أسفر عن مقتل قرابة 40 ألف شخص.
وظل أوجلان يقود الحزب من المنفى حتى اعتقاله عام 1999 في عملية مشتركة بين المخابرات التركية والوكالات الدولية، ليُحكم عليه بالإعدام الذي خُفف لاحقاً إلى السجن المؤبد.
محطات مفصلية في مسار الحزب:
- 1999: اعتقال أوجلان وبدء تراجع العمليات العسكرية.
- 2013-2015: مفاوضات سلام فاشلة مع الحكومة التركية.
- 2025 فبراير: دعوة أوجلان من السجن إلى حل الحزب وإلقاء السلاح.
تفاصيل قرارات المؤتمر الثاني عشر
عقد المؤتمر في موقعين مختلفين لأسباب أمنية، بمشاركة 232 مندوباً، وأسفر عن قرارات جذرية:
- حل الهيكل التنظيمي: إنهاء وجود الحزب ككيان عسكري وسياسي منظم.
- وقف الكفاح المسلح: التخلي عن العمليات المسلحة التي استمرت منذ 1984.
- تحويل المسار إلى العمل السياسي الديمقراطي: الدعوة إلى بناء مجتمع ديمقراطي عبر الوسائل السلمية.
كما أعلن المؤتمر عن استشهاد القياديين البارزين:
- علي حيدر كايتان: أحد المؤسسين التاريخيين، قُتل عام 2018 بعملية تركية شمال العراق.
- رضا ألتون: من أوائل المنضمين للحزب، قُتل عام 2019.
ردود الفعل التركية: بين التفاؤل الحذر والشكوك
الموقف الرسمي:
- رئيس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: وصف القرار بـ”الخطوة الجدية”، مؤكداً عزم بلاده “بناء قرن تركي جديد قائم على السلام”.
- وزير الخارجية هاكان فيدان: أشاد بالخطوة لكنه طالب بـ”تفكيك الهياكل الأمنية واللوجستية للحزب”، معرباً عن تشككه في نواياه.
تحفظات الأجهزة الأمنية:
أبدت الأوساط العسكرية تحفظاً، مشيرة إلى أن:
- 7,000 عنصر من الحزب ما زالوا مسلحين في العراق وسوريا.
- وجود مخاوف من تحول الحزب إلى تنظيمات فرعية تحت أسماء جديدة
التحديات المستقبلية: خمس نقاط محورية
- نزع السلاح الفعلي: كيفية ضمان تسليم الأسلحة المخزنة في قواعد جبلية نائية.
- مصير المقاتلين: مصير 5,000 عنصر مسلح في العراق و3,000 في سوريا.
- وضع أوجلان: المطالبات بإطلاق سراحه مقابل ضمان تنفيذ القرارات.
- التمثيل السياسي: إمكانية تحول الحزب إلى حركة سياسية مرخصة.
- العلاقات التركية-الكردية: إعادة بناء الثقة عبر إصلاحات دستورية تعترف بالحقوق الثقافية.
بين صفحة الماضي ومخاض المستقبل
يُشكّل قرار الحزب نقطة تحوّل في واحدة من أطول الصراعات المسلحة بالشرق الأوسط، لكن نجاحه مرهون بتحقيق شروط متبادلة:
- من جانب تركيا: إطلاق حوار وطني شامل مع الأكراد.
- من جانب الحزب: إثبات جدية القرار عبر خطوات ملموسة لنزع السلاح.
- دولياً: دعم مسار التسوية عبر آليات المراقبة الدولية.
كما يبقى السؤال الأكبر: هل يمهد هذا القرار لـ”ربيع كردي” سياسي سلمي، أم أنه مجرد تغيير تكتيكي في استراتيجية طويلة الأمد؟ الإجابة ستكشفها الأشهر القادمة في ساحتي العراق وسوريا، حيث ما زالت بنى الحزب التحتية قائمة










