أثار غياب الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عن اللقاءات الرسمية الهامة مؤخراً، بما فيها زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرياض والقمة الخليجية، تساؤلات متزايدة حول وضعه الصحي ومستقبل الحكم في المملكة العربية السعودية. وتشير تقارير إعلامية متعددة إلى احتمال تدهور صحة العاهل السعودي البالغ من العمر 89 عاماً، مما قد يمهد الطريق لتولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مقاليد الحكم في المملكة.
وتتزامن هذه التطورات مع تزايد الدور السياسي والاقتصادي لولي العهد محمد بن في السنوات الأخيرة، وسط تكهنات بأن انتقال السلطة قد بات وشيكاً واعلانه ملكا على السعودية.
خلفية عن الملك سلمان وعلاقته بولي العهد
تولى الملك سلمان بن عبدالعزيز الحكم في المملكة العربية السعودية في يناير 2015، خلفاً لأخيه الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
ومنذ توليه الحكم، شهدت المملكة تغييرات جوهرية في هيكلية السلطة، كان أبرزها تعيين ابنه محمد بن سلمان ولياً للعهد في يونيو 2017، بعد إزاحة محمد بن نايف من هذا المنصب.
وقد عُرف الملك سلمان بخبرته الإدارية الطويلة، حيث شغل منصب أمير منطقة الرياض لأكثر من خمسين عاماً قبل توليه العرش.
العلاقة بين الأب والابن
تميزت العلاقة بين الملك سلمان وابنه محمد بن سلمان بالثقة والدعم المتبادل، حيث منح الملك ابنه صلاحيات واسعة غير مسبوقة لولي العهد في تاريخ المملكة الحديث.
الحكم مقابل المليارات: ترامب يدير خطة سرية لتتويج محمد بن سلمان ملكاً للسعودية
هيئة البيعة السعودية على موعد مع إعلان انتقال السلطة: محمد بن سلمان على أعتاب العرش
السعودية 2034: طموح محمد بن سلمان يحول المملكة لوجهة عالمية للرياضة
وقد شملت هذه الصلاحيات الإشراف على الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الطموحة ضمن “رؤية 2030″، بالإضافة إلى قيادة وزارة الدفاع واللجان الاقتصادية العليا في المملكة.
وخلال السنوات الأخيرة، تزايدت المؤشرات على تفويض الملك سلمان العديد من المهام الرسمية لولي العهد، الذي أصبح يمثل المملكة في المحافل الدولية ويستقبل قادة الدول ويترأس الاجتماعات الهامة.
غياب الملك سلمان عن اللقاءات الرسمية الهامة
لفت غياب الملك سلمان عن استقبال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته الأخيرة للرياض الأنظار، خاصة مع أهمية هذه الزيارة وحساسيتها السياسية.
وقد تولى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مهمة استقبال الرئيس الأمريكي وإجراء المباحثات معه، في إشارة واضحة إلى تعاظم دوره في إدارة الشؤون الخارجية للمملكة.
شكلت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمملكة العربية السعودية حدثاً بارزاً على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث تناولت المباحثات العديد من الملفات الاستراتيجية المهمة، بما في ذلك العلاقات الثنائية، والأوضاع في الشرق الأوسط، ومكافحة الإرهاب، وأسعار النفط.
وكان لافتاً أن الأمير محمد بن سلمان هو من ترأس الجانب السعودي في المباحثات وفي توقيع الاتفاقيات، مما عزز من التكهنات حول تراجع دور الملك سلمان في إدارة شؤون البلاد.
غياب الملك عن القمة الخليجية
كما سجل غياب الملك سلمان عن القمة الخليجية الأخيرة، التي تعد من أهم الاجتماعات الدورية لقادة دول مجلس التعاون الخليجي. وقد مثل الأمير محمد بن سلمان المملكة في هذه القمة، وألقى كلمة افتتاحية أكد فيها على التزام السعودية بتعزيز العمل الخليجي المشترك ومواجهة التحديات الإقليمية.
وأثار هذا الغياب المتكرر للملك سلمان عن المناسبات الرسمية المهمة تساؤلات متزايدة حول قدرته على ممارسة مهامه الملكية.
التقارير حول الوضع الصحي للملك سلمان
تضاربت التقارير الإعلامية حول الوضع الصحي للملك سلمان بن عبدالعزيز، في ظل غياب بيانات رسمية واضحة من الديوان الملكي السعودي.
وقد أشارت بعض المصادر الإعلامية إلى أن الملك يعاني من مشاكل صحية متعددة مرتبطة بتقدمه في السن، بما في ذلك صعوبات في الحركة وتراجع في القدرات الإدراكية.
وأفادت تقارير إعلامية غير مؤكدة أن الملك سلمان خضع لعدة فحوصات طبية في الفترة الأخيرة، وأنه يتلقى رعاية صحية مكثفة.
وقد تحدثت بعض المصادر عن إقامته المتواصلة في قصره بمدينة نيوم أو في منتجع خاص بعيداً عن العاصمة الرياض، مما عزز الشكوك حول قدرته على ممارسة مهامه بشكل كامل.
ويذكر أن الملك سلمان سبق وأن خضع لعمليات جراحية في السنوات الماضية، بما في ذلك عملية في العمود الفقري عام 2010 وعملية في المرارة عام 2020.
تزايد نفوذ محمد بن سلمان والتمهيد لتولي العرش
شهدت السنوات الأخيرة تنامياً متسارعاً في نفوذ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي أصبح الرجل القوي في المملكة والمحرك الرئيسي لسياساتها الداخلية والخارجية.
وقد أدت الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي قادها ولي العهد إلى تعزيز شعبيته لدى شريحة واسعة من الشباب السعودي، الذين يرون فيه قائداً طموحاً قادراً على نقل المملكة إلى مرحلة جديدة.
وفي هذا السياق تتزايد المؤشرات التي تشير إلى احتمال تنازل الملك سلمان عن العرش لابنه ولي العهد، أو على الأقل تفويضه بكامل صلاحياته الملكية.
ومن بين هذه المؤشرات التغييرات الهيكلية المتتالية في مناصب الدولة العليا، والتي أدت إلى إبعاد معظم المنافسين المحتملين لمحمد بن سلمان، وتعيين شخصيات موالية له في مواقع حساسة.
كما أن الظهور المتزايد لولي العهد في المناسبات الرسمية الهامة، وتوليه استقبال قادة الدول الكبرى، يعكس ترتيبات واضحة لنقل السلطة بشكل سلس.
ويتوقع المراقبون أن يؤدي تولي الأمير محمد بن سلمان العرش، سواء عبر تنازل والده أو عند وفاته، إلى تسريع وتيرة التغييرات التي بدأها كولي للعهد.
وقد تشمل هذه التغييرات تعميق الإصلاحات الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، بالإضافة إلى الاستمرار في تخفيف القيود الاجتماعية وتحديث المؤسسات الحكومية.










