تشهد الجامعات الأمريكية منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة أزمة تمويلية غير مسبوقة، حيث هددت الإدارة الأمريكية بتجميد أو وقف مليارات الدولارات من التمويل الفيدرالي عن الجامعات التي شهدت احتجاجات طلابية داعمة لفلسطين. هذه التهديدات لم تكن مجرد تصريحات سياسية، بل ترجمت إلى قرارات رسمية شملت جامعات كبرى مثل هارفارد وكولومبيا وييل، حيث تم تجميد منح بحثية ومساعدات مالية بقيمة تجاوزت 2 مليار دولار، مما دفع هذه الجامعات إلى البحث عن حلول مالية بديلة وسريعة.
خلفية الأزمة: التمويل الفيدرالي في مهب السياسة
منذ أكتوبر 2023، تصاعدت الاحتجاجات الطلابية في أكثر من 30 جامعة أمريكية تضامناً مع غزة، وهو ما واجهته الإدارة الأمريكية السابقة بإجراءات صارمة. تم فتح تحقيقات فيدرالية مع أكثر من 15 جامعة، ووجهت رسائل رسمية تطالب الجامعات باتخاذ إجراءات لوقف ما اعتبرته تحريضاً أو عنفاً في الحرم الجامعي. وقدرت تقارير إعلامية أن خسائر الجامعات من المنح والعقود الفيدرالية تجاوزت 1.5 مليار دولار في أقل من عام واحد، ما أدى إلى تسريح آلاف الموظفين وتجميد التوظيف في العديد من المؤسسات الأكاديمية.
ما هي السندات الجامعية؟
السندات الجامعية هي أدوات دين تصدرها الجامعات لجمع الأموال من المستثمرين، مقابل التزام بدفع فوائد دورية وإعادة أصل المبلغ في تاريخ محدد. وتستخدم الجامعات هذه السندات لتوفير سيولة نقدية فورية لتمويل الأنشطة التشغيلية، الأبحاث، أو سداد العجز في الميزانية، خاصة في حالات الطوارئ أو عند فقدان مصادر التمويل الحكومية.
في عام 2024 وحده، أصدرت جامعات أمريكية كبرى سندات بقيمة إجمالية تجاوزت 2.3 مليار دولار، منها 750 مليون دولار من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، و850 مليون دولار من جامعة ييل، و750 مليون دولار من هارفارد. هذه الأرقام تعكس حجم الأزمة المالية ومدى اعتماد الجامعات على حلول تمويلية مبتكرة للحفاظ على استقرارها الأكاديمي.
لماذا تلجأ الجامعات إلى السندات؟
- تنويع مصادر التمويل وتقليل الاعتماد على الحكومة الفيدرالية
- توفير سيولة نقدية عاجلة لمواجهة الأزمات المفاجئة
- الحفاظ على الاستقلالية الأكاديمية في ظل الضغوط السياسية
- تمويل مشاريع بحثية وبرامج تعليمية مهددة بالتوقف
الدروس المستفادة للجامعات العربية
- ضرورة تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على مصدر وحيد
- أهمية الابتكار في أدوات التمويل مثل السندات أو الشراكات مع القطاع الخاص
- تعزيز الاستقلالية الأكاديمية وحماية حرية التعبير داخل الحرم الجامعي
- تطوير سياسات مالية مرنة تُمكّن الجامعات من الاستجابة السريعة للأزمات
خاتمة
تجربة الجامعات الأمريكية في مواجهة تهديدات وقف التمويل بسبب دعمها لغزة، ولجوئها إلى إصدار السندات بقيمة تفوق 2 مليار دولار، تقدم نموذجاً عملياً لكيفية إدارة الأزمات المالية والسياسية في المؤسسات الأكاديمية. تؤكد هذه التجربة على أهمية الاستقلال المالي والابتكار في ضمان استمرار دور الجامعات كمنارات للعلم والمعرفة، مهما كانت التحديات.





