في خطوة تبدو للوهلة الأولى مبشرة أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء انخفاض معدل البطالة في مصر إلى ستة وثلاثة من عشرة في المئة خلال الربع الأول من عام ألفين وخمسة وعشرين بانخفاض طفيف قدره صفر فاصل واحد في المئة عن الربع السابق لكن خلف هذه الأرقام الوردية تكمن تفاصيل تثير القلق وتطرح تساؤلات حادة حول حقيقة سوق العمل المصري وفعالية السياسات الحكومية في مواجهة البطالة المستشرية
أرقام متناقضة وأزمات كامنة
رغم التراجع الطفيف في معدل البطالة الإجمالي إلا أن عدد المتعطلين ارتفع بمقدار سبعة آلاف عن نفس الفترة من العام الماضي ليصل إلى مليونين ومئة وأحد عشر ألف عاطل وهو ما يشير إلى أن التحسن المعلن لا يعكس تحسنا فعليا في توفير فرص العمل
البطالة بين الإناث لا تزال مرتفعة بشكل صادم عند ستة عشر وأربعة من عشرة في المئة مقارنة بثلاثة وستة من عشرة في المئة فقط بين الذكور ما يكشف عن فجوة هائلة في فرص التوظيف بين الجنسين ويطرح علامات استفهام حول جدية برامج تمكين المرأة في سوق العمل
في الحضر ارتفع معدل البطالة إلى تسعة وثمانية من عشرة في المئة متجاوزا حتى معدلات العام الماضي بينما هبط في الريف إلى ثلاثة وستة من عشرة في المئة هذا التفاوت الحاد يفضح اختلال التنمية بين المناطق الحضرية والريفية ويعكس فشل السياسات الحكومية في تحقيق التوازن الجغرافي للوظائف
شباب ومتعلمون بلا عمل
المفارقة الأشد إيلاما أن ثمانية وسبعين وسبعة من عشرة في المئة من العاطلين هم من حملة المؤهلات المتوسطة وفوق المتوسطة والجامعية ما يكشف عن أزمة عميقة في مواءمة التعليم مع احتياجات سوق العمل ويضع الحكومة أمام مسؤولية إصلاح جذري لسياسات التعليم والتوظيف
الفئة العمرية الأكثر تضررا هي الشباب بين عشرين وتسعة وعشرين سنة إذ تبلغ نسبة البطالة بينهم نحو تسعة وأربعين وثلاثة من عشرة في المئة من إجمالي العاطلين ما ينذر بكارثة اجتماعية واقتصادية إذا استمرت السياسات الحالية دون مراجعة جادة
أرقام لا تعكس الواقع
الانخفاض الطفيف في معدل البطالة صفر فاصل واحد في المئة يقابله ارتفاع في أعداد العاطلين مقارنة بالعام الماضي ما يثير الشكوك حول مصداقية الأرقام الرسمية ويطرح تساؤلات حول منهجية حساب معدل البطالة خاصة في ظل انتشار العمل غير الرسمي وضعف الأجور
وراء كل رقم قصة إنسانية وأرقام البطالة في مصر تخفي وراءها جيلا من الشباب المتعلم المحبط ونساء يواجهن الإقصاء ومدنا تعاني من شلل اقتصادي بينما الحكومة تكتفي بتجميل الأرقام دون حلول جذرية
خلاصة ناقدة
رغم إعلان الحكومة انخفاض معدل البطالة إلا أن التفاصيل تكشف عن أزمة مركبة بطالة مرتفعة بين الشباب والنساء فجوة بين الحضر والريف وأزمة ثقة في الأرقام الرسمية المطلوب اليوم ليس الاكتفاء بتجميل المؤشرات بل مواجهة الواقع بسياسات جريئة تعيد الأمل لملايين العاطلين وتكسر دائرة الإحباط الاقتصادي والاجتماعي









