أكد نائب محافظ البنك المركزي التركي، جيفدت أكجاي، أن أسعار الفائدة المرتفعة ستظل سارية لفترة طويلة، ما لم يقتنع الأفراد والشركات بجدية البنك المركزي في خفض التضخم ويغيروا سلوكهم الشرائي والتسعيري.
وقد شهد الاقتصاد التركي خلال السنوات الأخيرة تقلبات حادة بسبب سياسات البنك المركزي التي اعتمدت بشكل متكرر على رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم المتصاعد.
تعكس هذه التصريحات استمرار النهج النقدي المتشدد الذي تبناه البنك المركزي التركي مؤخرًا، بعد سنوات من السياسات غير التقليدية التي قادها الرئيس رجب طيب أردوغان، والتي اعتمدت على خفض الفائدة رغم ارتفاع معدلات التضخم، ما أدى إلى فقدان الليرة التركية أكثر من 70% من قيمتها منذ عام 2016. ومع تصاعد الضغوط الاقتصادية، اضطر البنك المركزي إلى رفع الفائدة بشكل متسارع، لتصل إلى 46% في خطوة وُصفت بالمفاجئة، في محاولة لتهدئة الأسواق ودعم العملة المحلية.
ورغم أن رفع الفائدة ساهم في كبح جماح التضخم مؤقتًا، إلا أنه ألقى بظلال ثقيلة على النمو الاقتصادي، حيث أدى إلى زيادة تكاليف الإنتاج، وتراجع الاستثمارات، وتحويل رؤوس الأموال من السوق إلى البنوك، ما فاقم معاناة الأسر والشركات التركية. كما أن استمرار الفائدة المرتفعة يهدد بدخول الاقتصاد التركي في حالة من الركود، خاصة مع تراجع معدلات النمو إلى 4.5% في 2023 بعد أن كانت 7% في 2021.
ويحذر خبراء الاقتصاد من أن الاعتماد المفرط على الفائدة المرتفعة دون إصلاحات إنتاجية وهيكلية قد يدخل تركيا في حلقة مفرغة من التضخم وأسعار الفائدة المرتفعة، ويزيد من أعباء الديون على المواطنين ويعمق الفجوة بين أرباح رأس المال والعمل. في المقابل، يشدد البنك المركزي على أن أي خفض للفائدة يجب أن يسبقه استعادة ثقة الأسواق والمستثمرين في التزامه بمكافحة التضخم، ما يعني استمرار الضغوط على الاقتصاد التركي في الأمد المنظور.
في ظل هذه المعطيات، يبقى الاقتصاد التركي عالقًا بين مطرقة التضخم وسندان الفائدة المرتفعة، وسط تساؤلات متزايدة حول مدى قدرة السياسات الحالية على تحقيق الاستقرار المنشود دون دفع البلاد نحو أزمة أعمق.











