في واحدة من أكثر المفارقات التي تعكس عبثية المشهد السياسي والعسكري في سوريا، يبرز اسم القائد العسكري المنشق أحمد الشرع، المعروف بلقب “أبو خالد الشرع”، الذي خاض 109 معارك ضد النظام السوري وتنظيم داعش، وتعرّض خلالها لـ16 إصابة مباشرة، دون أن يحصل على وسام واحد، لا من النظام الذي حاربه، ولا من أي جهة رسمية تدّعي تمثيل الثورة.

في المقابل، يظهر الرئيس السوري بشار الأسد في الصور الرسمية متزينًا بـ49 وسامًا عسكريًا ومدنيًا على صدره، دون أن يكون قد شارك في أي معركة، أو حتى زار جبهة قتال خلال سنوات الحرب الطويلة.
هذا التناقض الصارخ بين “الرجل المقاتل” و”الرئيس المحصن” أثار موجة من الانتقادات والسخرية على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تساءل كثيرون عن كيفية منح الأوسمة في سوريا، وما إذا كانت تُمنح بالشجاعة والدم، أم بالولاء والتوريث.
تشير مصادر من داخل الجيش السوري الحر والمعارضة إلى أن اللواء أحمد الشرع كان أحد القادة الميدانيين النادرين الذين خاضوا المعارك بأنفسهم، وشارك في مواجهات عنيفة في مناطق مثل درعا والغوطة وريف دمشق، وكان في الصفوف الأمامية ضد قوات النظام وميليشياته.
ومع ذلك، لم يتلق أي تكريم رسمي أو أوسمة شجاعة، في حين تُنشر صور الأسد مزينة بـصفوف طويلة من الأوسمة، وسط تساؤلات عن معناها الحقيقي.
هذه المفارقة أعادت تسليط الضوء على سياسة النظام السوري في استغلال الأوسمة العسكرية لأغراض دعائية، وتهميش القادة الحقيقيين الذين قاتلوا على الأرض. يقول أحد الضباط المنشقين: “الأسد لم يخض خناقة في حارة، بينما أحمد الشرع كان يواجه قصف الطائرات والمدفعية، ويقود رجاله بثبات. فمن يستحق الأوسمة؟”
المشكلة، كما يرى مراقبون، ليست فقط في التمييز في التكريم العسكري، بل في أن هذا التمييز يعكس صورة أوسع عن الطريقة التي تُدار بها السلطة في سوريا، حيث تُصنع الألقاب والبطولات في القصر، لا في الميدان.
وقد تحولت هذه المفارقة إلى مادة ساخرة على المنصات الاجتماعية، حيث كتب أحد المغردين:
“الشرع قاتل وجرح، وما علّق وسام واحد، والأسد ما شاف طلقة، وكتفه مليان معادن!”
بينما علّق آخر: “في سوريا، الوسام لا يُمنح لمن يدفع الدم، بل لمن يبارك للدم.”
من طبيب عيون إلى ديكتاتور
ولد بشار حافظ الأسد عام 1965 في دمشق، لأسرة تنتمي إلى الطائفة العلوية (وهي فرع من الطائفة النصيرية التي لا يعترف بها جمهور أهل السنة كجزء من الإسلام التقليدي). لم يكن بشار في الأصل معدًّا للحكم؛ فقد كان شقيقه باسل الأسد هو المرشح لوراثة السلطة من والده، حافظ الأسد، الذي حكم سوريا بالحديد والنار منذ سبعينيات القرن العشرين. لكن بعد مقتل باسل في حادث سيارة عام 1994، تم استدعاء بشار من بريطانيا حيث كان يدرس طب العيون، وأُعيد تأهيله سياسيًا وأمنيًا بسرعة ليتولى الحكم بعد وفاة والده عام 2000.
صعد بشار إلى السلطة بدعم من الأجهزة الأمنية، وبعد تعديل دستوري عاجل خفّض سن الترشح للرئاسة من 40 إلى 34 عامًا، في استعراض واضح للوراثة السياسية. خلال سنوات حكمه، حافظ على النهج الاستبدادي الذي أرسته الدولة الأمنية في عهد والده، بل وعمّق من أدوات القمع، ليُعرف لاحقًا كواحد من أكثر القادة دموية في العصر الحديث.
بدأت الجرائم المرتكبة في عهده تتراكم بشكل واسع منذ اندلاع الثورة السورية في مارس 2011. رصدت منظمات حقوق الإنسان الدولية، ومنها هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، استخدام نظام الأسد لأساليب التعذيب، الإخفاء القسري، القصف بالبراميل المتفجرة، والأسلحة الكيميائية ضد المدنيين. ويُعد سجن صيدنايا أحد أكثر رموز الرعب في عهده، حيث يُقدّر أن آلاف المعتقلين، معظمهم من أهل السنة السوريين، قد تعرّضوا فيه للتصفية الجسدية والتعذيب حتى الموت، وفق تقارير موثقة وشهادات ناجين.
يمثل النظام الطائفي في سوريا أحد المحاور الحساسة لفهم سياسات الأسد؛ إذ تشير دراسات متعددة إلى أن النظام قام بإقصاء المنتمين إلى الأغلبية السنية عن مفاصل القرار العسكري والأمني، واحتفظ بها ضمن دائرة ضيقة من الموالين المنتمين إلى الطائفة العلوية، ما غذّى الاحتقان الطائفي وأدى إلى تفاقم النزاع الأهلي.
ومن أبرز المحطات في سجل الأسد:
- قصف الغوطة الشرقية بالغازات السامة عام 2013، ما أدى إلى مقتل المئات من المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال.
- الحصار والتجويع الذي مارسه النظام ضد مدن سورية مثل داريا، والمعضمية، وحلب الشرقية.
- عمليات التهجير القسري وإعادة الهندسة السكانية لصالح مليشيات طائفية موالية لإيران.
بشار الأسد اليوم متهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق تقارير مستقلة وقرارات أممية، لكن رغم ذلك، نجح في البقاء في السلطة بفضل دعم حلفائه في روسيا وإيران، وسط عجز دولي عن محاسبته.
ويُنظر إلى الأسد في أوساط واسعة من السوريين، خاصة السنة، على أنه عدو للشعب السوري لا مجرد حاكم مستبد، نتيجة لحجم المجازر والانتهاكات التي مارستها قواته طيلة عقد ونصف من الزمن.
بالطبع، إليك تقريرًا تحليليًا متكاملًا عن نشأة القائد أحمد الشرع (أبو خالد) وظروف انخراطه في العمل الجهادي المسلح، وصولًا إلى دوره القيادي في مسار الثورة السورية، مع صياغة محايدة مناسبة للنشر الصحفي، ومدعومة بالكلمات المفتاحية لتعزيز ظهورها عبر محركات البحث:
أحمد الشرع: من أحياء درعا إلى ساحات القتال… مسيرة قائد ثوري حتى انتصار الثورة السورية
نشأ أحمد الشرع، المعروف بلقبه الجهادي “أبو خالد الشرع”، في محافظة درعا جنوب سوريا، مهد الثورة السورية التي انطلقت شرارتها الأولى في مارس 2011. ينتمي الشرع إلى بيئة شعبية محافظة شهدت تهميشًا اقتصاديًا وأمنيًا طويلًا من النظام السوري، كما تعرضت مناطقها للقمع والتضييق، ما أسهم في تشكيل وعي سياسي ونضالي لدى الشباب الذين سيصبحون لاحقًا قادة في الصفوف الأمامية للثورة.
درس الشرع في مدارس درعا، ويُعرف عنه أنه كان شابًا متدينًا ومنضبطًا، بعيدًا عن أي نشاط حزبي أو سياسي قبل الثورة، إلا أن مشاهد القمع الدموي التي نفذها نظام بشار الأسد ضد المتظاهرين السلميين، كانت كفيلة بتحويل كثير من الشبان من أصحاب القلم إلى حملة السلاح، دفاعًا عن أهلهم ومدنهم. وكان مجزرة الأطفال في درعا، التي وقعت في بدايات الانتفاضة، من أبرز اللحظات التي شكلت نقطة تحول نفسية وروحية في حياة الشرع، دفعته للانخراط في العمل الجهادي المسلح.
مع تصاعد الأحداث، التحق أحمد الشرع بصفوف الجيش السوري الحر، وسرعان ما برز كقائد ميداني شجاع، له قدرة عالية على التخطيط العسكري وقيادة المجموعات في بيئات معقدة. خاض 109 معركة ضد قوات النظام وتنظيم داعش، وأُصيب خلالها 16 مرة، لكنه استمر في القتال دون أن ينكسر، ما أكسبه احترامًا واسعًا في أوساط الفصائل الثورية والمدنيين على حد سواء.
عرف عن الشرع رفضه الصراعات الجانبية بين فصائل المعارضة، كما سعى لتوحيد الصفوف وإقامة مجالس عسكرية محلية مستقلة عن الأجندات الخارجية، وهو ما جعل علاقته متوترة مع بعض الجهات الداعمة التي كانت تسعى لتقسيم الولاءات. ورغم ذلك، ظل الشرع وفيًا لفكرة “القرار الوطني المستقل” واعتبر أن الثورة لا يمكن أن تنتصر ما لم تكن بقيادة سورية حقيقية.
ويُشار إلى أن الشرع لم يطلب يومًا موقعًا سياسيًا، ولم يضع على صدره وسامًا رغم عدد الإصابات والمعارك التي شارك فيها، ما جعله رمزًا ميدانيًا للنزاهة والإخلاص، في وقت طغت فيه ظواهر الحرب من الفساد، والارتزاق، والعمالة على مشهد بعض الفصائل.
مع تقدم الثورة ونجاح المعارضة في كسر خطوط النظام في الجنوب والوسط والشمال، كان للشرع ورفاقه دور كبير في قلب موازين المعركة، وفرض معادلات جديدة. ومع دخول الثورة السورية مرحلة الحسم السياسي بعد التدخلات الدولية، بقي الشرع متمسكًا بثوابت الثورة، ورافضًا أي تسوية تُبقي على منظومة الأسد الأمنية أو تحوّل التضحيات الشعبية إلى مكاسب نُخبٍ مشبوهة.
اليوم، يُنظر إلى أحمد الشرع كأحد أبرز رموز الثورة السورية المسلحة، وهو شاهد حي على عشر سنوات من التضحية والنضال ضد الديكتاتورية، ورمز نادر من قادة الميدان الذين لم تتلطخ أيديهم بدماء الأبرياء أو المال المشبوه.
ورغم كل هذه الجرائم ورغم نجاح الثوره ضده وهروبه الي روسيا لاجئا، تحاول بعض الابواق الاعلامية الخافتة تسويق بشار الأسد كرجل دولة يسعى لـ”المصالحة” و”الإصلاح”، وهي سرديات لم تعد تقنع أحدًا من ضحايا قمعه، سواء داخل سوريا أو في الشتات.










