عادت قضية الواسطة والمحسوبية في الرياضة المصرية لتتصدر المشهد مجددًا، بعد الخسارة المخيبة التي تعرض لها منتخب مصر للناشئين في بطولته الأخيرة، والتي أثارت موجة من الغضب الشعبي والنقد الإعلامي. وتصدر اسم اللاعب أحمد عابدين، لاعب النادي الأهلي، واجهة الجدل، بعد مشاركته في مركز محوري خلال المباراة رغم أدائه الباهت، وهو ما اعتبره كثيرون أحد الأسباب الرئيسية في سقوط المنتخب.
أحمد عابدين، لاعب ناشئ في صفوف الأهلي، ينحدر من خلفية عائلية نافذة؛ فهو نجل أحد كبار ضباط الجيش وحفيد وزير سابق، وهو ما دفع نشطاء ومحللين للتشكيك في دوافع اختياره ضمن التشكيلة الأساسية، رغم وجود لاعبين أكثر جاهزية ومهارة في مركزه، حسب تأكيدات مدربين ومتابعين لمسيرة المنتخب.
خلال اللقاء الحاسم، ارتكب عابدين أخطاء مباشرة أدت إلى هدفين على الأقل في شباك المنتخب، وفشل في تنفيذ واجباته الدفاعية أو الربط مع خط الوسط. وبحسب محللين فنيين، بدا اللاعب منفصلًا عن النسق الجماعي للفريق، وغير قادر على مجاراة نسق المباراة.
“هو لاعب مجتهد، لكن لا يصلح للمنتخب في الوقت الحالي. وجوده في التشكيلة الأساسية لا يُفسَّر إلا بالمجاملات”، يقول أحد مدربي الفئات السنية في الدوري المصري، طلب عدم ذكر اسمه.
انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي تعليقات غاضبة، تساءلت عن سبب الدفع بعابدين، في ظل استبعاد لاعبين كانوا أكثر تألقًا في معسكرات المنتخب. وظهر هاشتاغ #منتخب_المجاملات ضمن قائمة الأكثر تداولًا في مصر، حيث عبر آلاف المستخدمين عن غضبهم من “قتل المواهب الحقيقية لصالح أبناء السلطة والنفوذ”.
كما أشار البعض إلى أن الواقعة تكرّس ثقافة “من له ظهر لا يُضرب على بطنه”، وهو ما يفقد الجمهور الثقة في نزاهة المنافسات الرياضية المحلية.
يرى النقاد أن ما حدث مع أحمد عابدين ليس حالة فردية، بل هو عرض لأزمة هيكلية تضرب عمق منظومة اكتشاف وتطوير المواهب في مصر. ويؤكد محللون أن الاختيارات في المنتخبات السنية غالبًا ما تخضع لتدخلات غير فنية، سواء عبر أندية بعينها أو شخصيات ذات نفوذ.
ويحذر الدكتور محمد الفقي، أستاذ الإدارة الرياضية، من “نزيف الكفاءات” بسبب غياب المعايير العلمية في اختيار اللاعبين: “نحن نقتل جيلًا كاملاً من اللاعبين بسبب المجاملات. هناك مواهب حقيقية لا تجد فرصة لأنهم لا يملكون واسطة أو خلفية عائلية قوية”.
حتى الآن، لم يصدر اتحاد الكرة المصري أي بيان رسمي يوضح آليات اختيار اللاعبين في منتخبات الناشئين، أو يرد على الانتقادات الموجهة للجهاز الفني. في المقابل، تتصاعد الدعوات لفتح تحقيق شفاف حول هذه الاختيارات، ووضع معايير معلنة وواضحة تضمن العدالة بين اللاعبين، بعيدًا عن الأسماء والأنساب.
قضية أحمد عابدين تُعيد طرح سؤال جوهري حول مستقبل الكرة المصرية: هل يمكن أن تنهض الرياضة في ظل مناخ لا يعتمد على الكفاءة؟ أم أن أبناء البسطاء سيظلون خارج الملاعب، مهما بلغت موهبتهم، ما دام أبناء أصحاب النفوذ يحتلون المقاعد الأمامية؟
حتى تأتي الإجابة من داخل المؤسسات الرسمية، سيبقى جمهور الكرة في مصر يتابع المباريات بنكهة مريرة: النتيجة محسومة… قبل أن تُطلق صافرة البداية.










