في خطوة وُصفت بأنها نقلة استراتيجية في مشهد الطاقة الإقليمي، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن اكتشاف احتياطي ضخم من الغاز الطبيعي يقدّر بـ75 مليار متر مكعب في بئر “غوكتيبي-3” بالبحر الأسود، على عمق 3500 متر. ويقدّر الخبراء قيمة هذا الاكتشاف بنحو 30 مليار دولار، ما يفتح الباب أمام تركيا لتعزيز مكانتها كمركز إقليمي للطاقة وتقليل اعتمادها التاريخي على واردات الغاز.
ثلاث سنوات ونصف من الاكتفاء المنزلي
أكد أردوغان أن الكمية المكتشفة كافية لتغطية احتياجات منازل تركيا من الغاز الطبيعي لمدة ثلاث سنوات ونصف، في بلد يعتمد على الاستيراد لتوفير أكثر من 90% من احتياجاته الطاقية. ويبلغ الإنتاج اليومي الحالي من حقل صقاريا الرئيسي في البحر الأسود نحو 9.5 مليون متر مكعب، بينما تسعى الحكومة التركية إلى زيادة الإنتاج المحلي لتقليل فاتورة الواردات وتعزيز أمن الإمدادات.
استقلال طاقي وتوسع دولي
قال أردوغان إن بلاده ستواصل مسيرتها دون توقف أو تنازل عن هدفها في تحقيق استقلال تركيا الكامل في مجال الطاقة، مشدداً على أن تركيا لن تكتفي بالتنقيب المحلي بل ستوسع شراكاتها الدولية في قطاعي النفط والغاز، سواء في البحر الأسود أو شرق المتوسط، رغم التوترات الإقليمية حول مناطق الامتياز والتنقيب.
ورقة ضغط جديدة في مواجهة روسيا
يأتي هذا الاكتشاف في توقيت حساس، إذ تقترب عقود الغاز طويلة الأجل بين تركيا وروسيا من نهايتها بعد 25 عاماً من التعاون، ما يمنح أنقرة ورقة ضغط تفاوضية قوية في أي مفاوضات مستقبلية بشأن الأسعار أو الكميات، ويعزز من قدرتها على تنويع مصادر الطاقة وتقليل التبعية للموردين التقليديين.
قفزات في إنتاج النفط والغاز
لم تقتصر النجاحات التركية على الغاز فقط، فقد سجل إنتاج النفط المحلي رقماً قياسياً جديداً متجاوزاً 135 ألف برميل يومياً، خاصة من حقل “غابار” في جنوب شرق البلاد، ما يعكس نجاح الاستراتيجية التركية في دفع عجلة الإنتاج المحلي في قطاع الطاقة.
أهمية البحر الأسود في معادلة الطاقة
يرى خبراء الطاقة أن منطقة البحر الأسود ما تزال تحمل الكثير من الثروات غير المكتشفة من النفط والغاز، وأن الاكتشافات الأخيرة تعزز من أهمية الاستثمارات التركية في التنقيب، وتدعم طموحات أنقرة في التحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتخزين وتوزيع الطاقة.
بهذا الكشف، ستلبي تركيا احتياجات المنازل من الغاز الطبيعي لمدة ثلاث سنوات ونصف، في خطوة تعزز أمنها الطاقي وتمنحها قوة تفاوضية أكبر إقليمياً ودولياً. وبينما تواصل أنقرة توسعة استثماراتها في الداخل والخارج، تترقب الأسواق الإقليمية والدولية انعكاسات هذا التحول على خريطة الطاقة في شرق المتوسط وأوروبا.











