تشهد غزة اليوم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية في التاريخ الحديث، حيث يواجه نحو 470 ألف شخص جوعاً كارثياً، أي المرحلة الخامسة والأشد من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، مع توقعات بزيادة بنسبة 250% عن التقديرات السابقة خلال الفترة من مايو إلى سبتمبر 2025. يعاني 93% من سكان القطاع من انعدام الأمن الغذائي الحاد، في ظل استمرار إغلاق المعابر الحدودية وفرض حصار إسرائيلي مشدد منذ مارس 2025، مما أدى إلى ندرة حادة في الغذاء والدواء والمواد الأساسية.
أرقام مأساوية وأطفال يموتون جوعاً
الوضع الغذائي في غزة كارثي، حيث يحتاج نحو 71 ألف طفل وأكثر من 17 ألف أم إلى علاج عاجل لسوء التغذية الحاد، مقارنة بـ 60 ألف طفل في بداية 2025. وقد سجلت تقارير رسمية وفاة عشرات الأطفال نتيجة سوء التغذية والجفاف، مع توقع أن يكون العدد الحقيقي أعلى بكثير. الأطفال في غزة يعيشون واقعاً يومياً من الحرمان الغذائي، مع نظام صحي منهار ومياه شرب ملوثة، مما يفاقم من الأزمة الإنسانية.
حصار إسرائيلي متعمد وتجويع كأداة حرب
فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على قطاع غزة، أغلقت بموجبه المعابر الحيوية مثل معبر كرم أبو سالم، مما منع دخول المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية والوقود، ودمّرت البنية التحتية للغذاء مثل المخابز وطواحين الدقيق والأراضي الزراعية. هذا الحصار الممنهج أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى مستويات فلكية، مع ارتفاع معدلات البطالة إلى أكثر من 60%، مما جعل معظم السكان غير قادرين على تأمين وجباتهم الأساسية.
منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة اتهمت إسرائيل باستخدام التجويع كسلاح حرب، معتبرة أن ما يحدث في غزة هو جوع مصطنع لأغراض سياسية وجريمة تجويع مسؤولة عنها حكومة نتنياهو. بينما تظل المساعدات الإنسانية محاصرة على الحدود، مع وجود أكثر من 116 ألف طن من الغذاء جاهزة للإدخال لكنها ممنوعة من الدخول بسبب استمرار القتال والحصار.
دور الولايات المتحدة: دعم الحصار وتجاهل الكارثة
الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل، تلعب دوراً محورياً في استمرار هذه الأزمة من خلال دعمها السياسي والعسكري لإسرائيل، مما يتيح استمرار الحصار وعمليات القصف التي تستهدف المدنيين والبنية التحتية الحيوية. رغم التحذيرات الدولية المتكررة، تبقى الولايات المتحدة صامتة أو متواطئة، مما يفاقم معاناة السكان ويحول دون تدخل فعال لكسر الحصار وإنقاذ الأرواح.
نداءات عاجلة ومجتمع دولي متخاذل
الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية تحذر من أن استمرار الحصار والقتال سيؤدي إلى مجاعة شاملة في غزة، مع دعوات ملحة لإعادة فتح المعابر فوراً للسماح بدخول المساعدات الغذائية والطبية. إلا أن هذه النداءات تصطدم بسياسات إسرائيلية أمريكية متشددة، مما يجعل الأزمة الإنسانية في غزة تتفاقم بشكل يومي.
خلاصة نقدية
الأزمة في غزة ليست مجرد مأساة إنسانية عابرة، بل هي نتيجة سياسة ممنهجة للتجويع واستخدام الجوع كسلاح حرب من قبل إسرائيل بدعم أمريكي. هذه السياسة تدمّر حياة الملايين، خاصة الأطفال، وتخلف دماراً اجتماعياً واقتصادياً لا يمكن إصلاحه بسهولة. على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته ويضغط على إسرائيل والولايات المتحدة لإنهاء الحصار وفتح المعابر، قبل أن تتحول غزة إلى مقبرة مفتوحة لاجتثاث أمل الحياة فيها.






