أعلنت المفوضية الأوروبية عن خفض توقعاتها لنمو اقتصاد منطقة اليورو خلال عامي 2025 و2026، مرجعة ذلك إلى تصاعد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة والغموض الذي يكتنف توقيتها وآليات انتهائها، ما يضع ضغوطاً متزايدة على الاقتصادات الأوروبية ويزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية.
أشارت المفوضية إلى أن اقتصاد منطقة اليورو، التي تضم 20 دولة، من المتوقع أن يسجل نمواً بنسبة 0.9% فقط في عام 2025، انخفاضاً من التوقعات السابقة التي كانت تشير إلى 1.3%، بينما يتوقع أن يتسارع النمو إلى 1.4% في 2026، لكنه يظل أقل من التقديرات السابقة البالغة 1.6%. وأوضحت المفوضية أن هذه التوقعات تستند إلى افتراض استمرار الولايات المتحدة في فرض تعريفاتها الجمركية الحالية بنسبة 10% على جميع السلع الأوروبية، و25% على الصلب والألمنيوم والسيارات، دون فرض تعريفات على الأدوية وأشباه الموصلات.
وأكدت المفوضية أن ضعف آفاق التجارة العالمية وزيادة حالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسات التجارية هما العاملان الرئيسيان وراء هذا التراجع في التوقعات الاقتصادية، مشيرة إلى أن استمرار التوترات التجارية قد يؤدي إلى مزيد من تجزئة التجارة العالمية، ويؤثر سلباً على نمو الناتج المحلي الإجمالي ويزيد من الضغوط التضخمية.
أثرت الحرب التجارية بشكل مباشر على ثقة الأعمال والمستهلكين في منطقة اليورو، حيث أظهرت المؤشرات المستندة إلى المسح، مثل مؤشر مديري المشتريات ومؤشرات ثقة الأعمال والمستهلكين، استمرار الضعف، ما ينعكس على تراجع الاستثمارات وإحجام الشركات عن التوسع في ظل حالة عدم اليقين. كما سجلت ألمانيا، أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي، أداءً ضعيفاً مع توقعات بعدم تحقيق أي نمو في 2025، مقارنة بتقديرات سابقة كانت تشير إلى نمو بنسبة 0.7%.
وفي المقابل، شهدت بعض الاقتصادات مثل إسبانيا معدلات نمو أفضل نسبياً، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.8% في الربع الرابع من العام الماضي، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لتعويض التباطؤ في الاقتصادات الكبرى مثل ألمانيا وفرنسا.
رغم التحديات، تتوقع المفوضية الأوروبية أن ينخفض معدل التضخم في منطقة اليورو إلى 2.1% في عام 2025، وهو قريب من هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2%، مع توقعات بمزيد من التراجع إلى 1.7% في 2026. ويواصل البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة لدعم النشاط الاقتصادي والاستثمار، حيث من المتوقع إجراء تخفيض إضافي بمقدار 25 نقطة أساس ليصل سعر الفائدة على تسهيلات الودائع إلى 2.5%، في ظل تراجع التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي.
حذرت المفوضية من أن المخاطر المحيطة بالتوقعات تميل إلى التراجع، حيث قد يؤدي مزيد من تجزئة التجارة العالمية أو تكرار الكوارث المرتبطة بتغير المناخ إلى إبطاء النمو الاقتصادي وزيادة الضغوط التضخمية. ورغم ذلك، أشارت إلى أن النمو قد يشهد انتعاشاً إذا هدأت التوترات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أو إذا تسارعت التجارة مع دول أخرى. كما يمكن أن يعزز الإنفاق الدفاعي الأوروبي من النشاط الاقتصادي في المرحلة المقبلة.
تشير التوقعات الجديدة إلى أن منطقة اليورو ستواجه تحديات اقتصادية كبيرة في 2025 و2026 بفعل استمرار الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، ما يفرض على صناع السياسات اتخاذ إجراءات حاسمة لتعزيز القدرة التنافسية ودعم النمو، وسط آمال بأن تؤدي تهدئة التوترات التجارية أو زيادة الإنفاق الدفاعي إلى تحسين الآفاق الاقتصادية مستقبلاً.











