بعد أكثر من ثلاثة عقود من تدفق آلاف النساء الأوروبيات، لا سيما البريطانيات، إلى سواحل غامبيا بحثًا عن علاقات جنسية مع رجال أفارقة شباب، تعلن الحكومة الغامبية رسميًا سعيها لإنهاء هذه الصورة النمطية التي التصقت بالبلاد. وتُكثف السلطات حاليًا جهودها لإعادة تقديم غامبيا كوجهة سياحية راقية تستقطب زوارًا “ذوي جودة عالية”، بحسب تعبير المسؤولين.
“نريد سياحًا يقدّرون ثقافتنا… لا يأتون فقط للجنس”
في تصريح لصحيفة ذا صن البريطانية، قال أبو بكر كامارا، مدير هيئة السياحة في غامبيا: ما نريده هو سياح يأتون للاستمتاع بالبلاد وثقافتها، وليس سياحًا يأتون لمجرد الجنس.”
منذ التسعينيات، أصبحت غامبيا – الدولة الصغيرة الواقعة في غرب إفريقيا والتي يبلغ عدد سكانها نحو 2.5 مليون نسمة – وجهة مفضلة لنساء أوروبيات في منتصف العمر، كثيرات منهن من المملكة المتحدة، بحثًا عن علاقات عاطفية وجنسية قصيرة الأمد مع شبان غامبيين.
وتوفّر هذه العلاقات مصدر دخل لهؤلاء الشباب في ظل البطالة المرتفعة والأجور المتدنية، وغالبًا ما ينظر إليها على أنها فرص لتحسين الوضع الاقتصادي، حتى وإن كانت مؤقتة.
من “المتشردين” إلى العلاقات المنظمة
يُعرف الشبان الغامبيون الذين يشاركون في هذا النوع من العلاقات باسم “المتشردين”، وهو مصطلح محلي يُستخدم للإشارة إلى الشبان الفقراء الذين يبحثون عن نساء غربيات عبر الإنترنت أو يجوبون شواطئ سينيغامبيا الشهيرة.
وبحسب تقارير صحفية، يُعد الحي الواقع قرب العاصمة بانجول مركزًا لهذه الظاهرة، إذ بات ملاذًا للمتقاعدات الأوروبيات، خصوصًا البريطانيات، الباحثات عن “مغامرات” مع رجال أصغر سنًا.
وتقول تقارير أخرى إن النساء لا يأتين من بريطانيا فقط، بل أيضًا من هولندا، ألمانيا، والسويد، حيث يقمن بعلاقات قصيرة أو طويلة الأمد مع شباب محليين.
جهود رسمية لتغيير الصورة
تحاول الحكومة الغامبية الترويج لصورة جديدة للبلاد عبر التركيز على الحياة البرية، الطبيعة، والثقافة المحلية.
فالبلاد تحتوي على أكثر من 300 نوع من الطيور الاستوائية، بالإضافة إلى موقعين مدرجين ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي، ما يجعلها وجهة واعدة للسياحة البيئية والثقافية.
وقال لامين فاتي، المنسق الوطني في تحالف حماية الطفل، لصحيفة ديلي تلغراف “أظهرت المفوضية العليا بعض الالتزام. لكن الأمر لا يقتصر على الالتزام فحسب، بل نحتاج أيضًا إلى مساعدة مالية وفنية.”
وفي صيف عام 2024، أرسل المسؤولون الغامبيون وفدًا إلى المملكة المتحدة لعقد اجتماعات مع الخطوط الجوية البريطانية ومنظمي الرحلات السياحية، بهدف تعزيز عدد الرحلات المباشرة إلى بانجول وجذب نوعية جديدة من السياح الشباب والأثرياء، وخاصة الباحثين عن عطلات شتوية فاخرة.
قطاع السياحة… سيف ذو حدّين
رغم أن السياحة تمثل نحو 20٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، إلا أن اعتماد غامبيا على نوع واحد من السياحة – وبهذه الصورة المثيرة للجدل – أضعف قدرتها على التنويع وجعلها هدفًا للانتقادات الدولية.
والآن، يبدو أن غامبيا تقف عند مفترق طرق: بين ماضٍ سياحي مربح لكنه مشوّه للسمعة، ومستقبلٍ تطمح أن يكون أكثر احترامًا واستدامة










