في تصريح لافت أثار جدلاً واسعاً، عبّرت النائبة الإيطالية ستيفانيا أسكاري عن صدمتها خلال زيارتها لمحيط معبر رفح، حيث استنكرت استمرار منع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة منذ أكثر من 3 أشهر، ووصفت الوضع بأنه “كارثي وغير إنساني”.
لكن اللافت في تصريحاتها كان وصفها لما أسمته “مدينة أشباح” تُبنى حديثًا على مقربة من المعبر، ومحاطة بسور عازل، دون أي تفاعل مدني أو حركة حياة. تساءلت النائبة: “ما هذا العار؟ لماذا تُبنى هذه المنشآت؟ ولماذا تجهّز مصر ما يبدو وكأنه معسكر اعتقال محتمل لأهالي غزة؟“، على حد وصفها.
تصريحات أسكاري أثارت مخاوف واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، وسط دعوات للتحقيق وكشف طبيعة هذه المنشآت الجديدة في المنطقة الحدودية الحساسة.
في ظل تصاعد الأزمات الإنسانية في قطاع غزة، وتصريحات مثيرة للجدل من قبل مسؤولين دوليين، برزت تساؤلات حول طبيعة الإنشاءات الجارية بالقرب من معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة. تصريحات النائبة الإيطالية ستيفانيا أسكاري، والتي وصفت المنطقة بـ”مدينة أشباح محاطة بسور عازل”، أثارت مخاوف من تحويل المنطقة إلى “معسكر اعتقال” محتمل، بينما تؤكد مصر أن هذه الإجراءات جزء من تدابير أمنية لمواجهة التهديدات الإرهابية. هذا التحقيق يستعرض الخلفيات والسياقات المختلفة لهذه القضية، مستنداً إلى وثائق وبيانات من مصادر متعددة.
الخلفية: تصريحات ستيفانيا أسكاري والسياق السياسي
زيارة أسكاري لمنطقة رفح وانعكاساتها
أفادت تقارير إعلامية بأن النائبة الإيطالية ستيفانيا أسكاري، العضو في حركة “النجوم الخمسة” والمنتخبة عن منطقة إميليا-رومانيا، زارت محيط معبر رفح في مايو 2025. خلال الزيارة، عبّرت عن صدمتها من الوضع الإنساني، مشيرة إلى أن “المساعدات محظورة منذ ثلاثة أشهر، والمدنيون يعانون من الجوع والأمراض”. لكن اللافت كان وصفها لإنشاءات تحتوي على “سور عازل وأبراج مراقبة” قرب المعبر، والتي اعتبرتها “مشروعاً غير إنساني يشبه معسكرات الاعتقال”.
تصريحات أسكاري لم تكن معزولة؛ ففي جلسة بالبرلمان الإيطالي، رفعت صوراً لأطفال فلسطينيين قُتلوا في غزة، واصفة إسرائيل بـ”دولة إرهاب”. هذه المواقف تندرج ضمن نشاطها السياسي الممتد منذ انتخابها عام 2018، حيث دعمت قضايا حقوقية مثل قانون “كوديتش روسو” ضد العنف الجنسي.
ردود الفعل الدولية
أثارت تصريحات أسكاري جدلاً واسعاً، حيث هاجمها مؤيدو إسرائيل واعتبروها “منحازة”، بينما أشادت بها منظمات حقوقية. من ناحية أخرى، نفت مصر أي نوايا لإنشاء معسكرات، مؤكدة أن الإجراءات جزء من تعزيز الأمن القومي.
الإنشاءات الحدودية: بين التفسير المصري والمخاوف الفلسطينية
طبيعة المشاريع المصرية قرب رفح
كشفت صور الأقمار الصناعية في فبراير 2024 عن قيام مصر ببناء جدار أمني بطول 1 كم شرق معبر رفح، مع تسوية مساحة 3 كم² من الأراضي. وفقاً لتحليل “عربي بوست”، فإن هذه المنطقة قد تُستخدم “كمخيمات مؤقتة للنازحين في حال حدوث تهجير قسري”. الجدار الجديد يكمّل سلسلة تحصينات موجودة منذ 2008، والتي تشمل أنفاقاً تحت الأرض وأسلاكاً شائكة.
من جهة أخرى، أشارت تقارير لـ”الهيئة العامة للإذاعة الإسرائيلية” (كان) إلى تعاون مصري-إسرائيلي في إنشاء بوابات إلكترونية مزودة بكاميرات ذكاء اصطناعي وأسلحة رشاشة آلية. هذه البوابات تهدف – بحسب المصادر – إلى “مراقبة تدفق المساعدات ومنع تهريب الأسلحة”.
التخوفات الفلسطينية من “عسكرة الإغاثة”
عبّر قادة فصائل فلسطينية عن قلقهم من تحويل رفح إلى “غيتو كبير”، حيث صرح إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب الإعلامي لحكومة غزة، بأن “85% من شبكات الصرف الصحي دُمّرت، و12 مستشفى خرجت من الخدمة”. وأضاف أن “إسرائيل تعمل على تهجير السكان شمالاً، بينما تستعد مصر لاستقبالهم في مناطق معزولة”.
في سياق متصل، كشف تقرير لـ”اندبندنت عربية” عن وجود خطط إسرائيلية (تحت اسم “عربات جدعون”) لتركيز النازحين في رفح، مع تحويلها إلى منطقة مغلقة تُدار بواسطة شركات أمنية خاصة. هذه الخطط تعززها تصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر: “نمنع حماس من السيطرة على الغذاء”.
السياق الإنساني: معبر رفح كرمز للأزمة
تشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن 1.4 مليون نازح يعيشون في رفح، منهم 400 ألف طفل. منذ أكتوبر 2023، دُمّر 70% من البنية التحتية للمدينة، بما في ذلك 30 مبنى حكومياً و100 مسجد. في المقابل، تُمنع معظم المساعدات بسبب إغلاق إسرائيل للجانب الفلسطيني من المعبر، رغم تأكيد مصر استمرار فتح جانبها.
شهادات من الأرض: “رفح لم تعد قابلة للحياة”
وصف مراسل “القدس العربي” المشهد قائلاً: “رفح التي كانت تُطل على البحر بأشجار الزيتون، أصبحت مدينة أشباح محاطة بالدخان والأنقاض”. أما ناجون من القصف فيحيون على “اختفاء 60 أسيراً فلسطينياً في سجون إسرائيلية مجهولة”.
التحليل الجيوسياسي: أبعاد التصعيد الحالي
المصالح المصرية بين الأمن والضغوط الدولية
دفعت الهجمات الإسرائيلية المتكررة على رفح مصر إلى تعزيز حدودها، لكن النقاد يرون أن الجدار العازل “يعمق الحصار على غزة”. من جهة أخرى، تُعارض القاهرة أي تهجير دائم للفلسطينيين، خشية تفاقم الأزمات في سيناء.
الدور الدولي: صمت مريب وتواطؤ محتمل
في حين أدانت أسكاري الوضع في البرلمان الإيطالي، لم تصدر إدانة واضحة من الاتحاد الأوروبي. مفارقة تثير تساؤلات حول ازدواجية المعايير، خاصة مع استمرار توريد الأسلحة الغربية لإسرائيل.
نحو أي مستقبل؟
الوضع في رفح يختزل مأساة غزة بأكملها: حصار متعدد الجوانب، وتدمير ممنهج، وصمت دولي. الإنشاءات الحدودية المثيرة للجدل – سواءً كانت إجراءً أمنياً أو تمهيداً لسيناريوهات أكثر قتامة – تفرض أسئلة مصيرية عن مستقبل القطاع. في غياب حل سياسي عادل، يبدو أن المعاناة الإنسانية ستتفاقم، بينما تترسخ مشاريع التقسيم الجغرافي والديموغرافي.









