في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تواجه مصر، باتت السياسة الاقتصادية المعتمدة على بيع الأصول العامة بمثابة حل مؤقت يثير العديد من التساؤلات والانتقادات. فبدلاً من بناء اقتصاد قوي ومستدام عبر تعزيز الإنتاجية وتنويع مصادر الدخل، تلجأ الحكومة إلى طرح شركات ومشروعات استراتيجية للبيع بأسعار قد لا تعكس قيمتها الحقيقية.
الإمارات تتصدر الدول العربية في استقبال الاستثمارات المصرية ضمن سياسة البيع
وبحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تتصدر دولة الإمارات العربية المتحدة قائمة الدول العربية الأكثر استقبالاً للاستثمارات المصرية، بإجمالي استثمارات يقترب من 1.4 مليار دولار، تليها الكويت ثم السعودية، وفقاً لأحدث البيانات الرسمية. ويأتي هذا في إطار سياسة مصر الاقتصادية التي تعتمد على تحويل الاستثمار إلى نافذة للبيع، حيث تطرح الحكومة حصصاً في شركات ومشروعات حكومية للبيع للمستثمرين العرب والأجانب كآلية لجذب رؤوس الأموال وتوفير السيولة المالية.
سياسة البيع: نافذة لجذب العملة الصعبة أم مخاطر اقتصادية؟
تعتمد الحكومة المصرية على بيع الأصول كوسيلة لجلب العملة الصعبة ودعم المالية العامة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد. وتتمثل هذه السياسة في طرح شركات حكومية ومشروعات استراتيجية للبيع عبر البورصة أو من خلال صفقات مباشرة مع مستثمرين استراتيجيين، مع التركيز على جذب مستثمرين من الإمارات والكويت والسعودية. وتشمل القطاعات المطروحة للاستثمار مجالات متعددة مثل البنوك والطاقة والسياحة والبنية التحتية.
الإمارات والكويت والسعودية: محطات رئيسية في برنامج الطروحات
تحتل الإمارات المرتبة الأولى بين الدول العربية في استقبال الاستثمارات المصرية، مع استثمارات تقترب من 1.4 مليار دولار، تليها الكويت التي تسعى لزيادة استثماراتها في مصر بنحو 20% خلال العام الحالي، ثم السعودية التي تبدي اهتماماً متزايداً بشراء حصص في شركات حكومية ومشروعات كبرى. ويأتي هذا التنافس في ظل تسهيلات حكومية تشمل منح رخصة ذهبية للمستثمرين وتبسيط إجراءات تأسيس المشروعات، ما يعزز من جاذبية السوق المصري للمستثمرين العرب.
تحديات وآفاق
رغم المكاسب المالية العاجلة التي تحققها مصر من بيع الأصول، إلا أن هذه السياسة تحمل مخاطر استراتيجية تتمثل في فقدان الدولة لأصولها الحيوية بأسعار قد لا تعكس قيمتها الحقيقية، مما قد يؤثر سلباً على قدرتها على تحقيق التنمية المستدامة. كما أن غياب الشفافية في عمليات البيع والتقييم الدفتري للأصول يثير مخاوف من استغلال بعض الجهات النافذة، إضافة إلى تأثيرات الأوضاع الجيوسياسية على تقييم الأصول وبيئة الاستثمار.
خلاصة
تظهر البيانات أن الإمارات والكويت والسعودية هي أبرز الدول العربية التي تستقبل الاستثمارات المصرية ضمن سياسة البيع التي تتبعها الحكومة. ورغم أن هذه السياسة توفر موارد مالية عاجلة، إلا أنها تفتح نقاشاً واسعاً حول جدواها الاقتصادية على المدى الطويل، خاصة في ظل المخاطر المرتبطة بتقييم الأصول وغياب الشفافية، مما يستدعي مراجعة استراتيجية متكاملة توازن بين جذب الاستثمار وحماية الأصول الوطنية لضمان استدامة الاقتصاد المصري.











