في في الوقت الذي تتصدر فيه عناوين الصحف أخبار التعاقدات الضخمة والصفقات المليارية التي تعلنها السعودية مع الولايات المتحدة، وتُقدَّم كخطوات استراتيجية لتعزيز الاقتصاد الوطني، يظل الواقع الاقتصادي في الداخل السعودي يحمل صورة مغايرة لما تروجه الحملات الإعلامية هذه الأرقام الكبيرة لم تنعكس حتى الآن على مؤشرات السوق المحلية، حيث يواصل مؤشر السوق السعودية تراجعه للجلسة الخامسة على التوالي، وسط ضغوط واضحة على أسهم الشركات القيادية وتراجع ثقة المستثمرين.
افتتح المؤشر الرئيسي تعاملات اليوم الثلاثاء منخفضاً بنسبة 0.1 ليصل إلى مستوى 11393 نقطة. جاء هذا الانخفاض نتيجة ضغوط واضحة من أسهم شركات كبرى مثل أرامكو السعودية ومصرف الراجحي، بعد أن كانا قد ساهما في تقليص خسائر السوق في جلسات سابقة.
هذا التراجع المستمر يأتي في وقت تشهد فيه الأسواق العالمية، خاصة الأمريكية والآسيوية، موجة صعود قوية، مما يبرز التباين بين أداء السوق السعودي والأسواق العالمية.
ورغم استقرار أسعار النفط بعد مكاسب استمرت يومين، لم ينعكس ذلك إيجابياً على أسهم قطاع الطاقة السعودي، حيث استمر سهم أرامكو في التراجع. كما يعاني قطاع البنوك من ضغوط متزايدة بسبب ارتفاع تكلفة التمويل وزيادة إصدارات السندات، الأمر الذي يثير مخاوف المستثمرين حول أداء القطاع في الفترة المقبلة.
ورغم بقاء المؤشر فوق مستوى 11350 نقطة، وهو الأدنى خلال شهر مايو، إلا أن استمرار الضغوط على القطاعات القيادية يضع السوق أمام تحديات كبيرة، خاصة مع غياب أي مؤشرات لتعافي قريب أو استفادة مباشرة من تحسن الأسواق الدولية وأسعار النفط.
يرى مراقبون أن السوق السعودية بحاجة إلى إصلاحات أعمق وسياسات اقتصادية أكثر فاعلية لمواجهة التحديات الحالية، وسط حالة من الحذر والترقب بين المستثمرين، مع متابعة دقيقة لتحركات القطاعات الحيوية خلال الفترة القادمة.
تراجع رغم صفقات ترامب
هذا الأداء السلبي يأتي رغم موجة الإنفاق الضخمة والصفقات الاقتصادية التي أُبرمت مؤخراً مع الولايات المتحدة خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الرياض. فقد شهدت الزيارة توقيع اتفاقيات تجارية واستثمارية غير مسبوقة تجاوزت قيمتها 600 مليار دولار، شملت قطاعات الطاقة والدفاع والتكنولوجيا والبنية التحتية، بالإضافة إلى صفقة أسلحة هي الأكبر في تاريخ البلدين بقيمة 142 مليار دولار. كما تم الإعلان عن خطط لرفع حجم الاستثمارات المتبادلة إلى تريليون دولار في السنوات المقبلة.
ورغم التوقعات بأن تؤدي هذه الاتفاقيات إلى تعزيز الثقة في السوق السعودية ودعم الاقتصاد المحلي، إلا أن المؤشر الرئيسي للأسهم واصل الهبوط، متأثراً بتراجع أسعار أسهم الشركات القيادية وضغوط على قطاعات الطاقة والبنوك. ويعزو محللون هذا التراجع إلى استمرار التحديات الهيكلية في الاقتصاد السعودي، وارتفاع الإنفاق الحكومي، وتباطؤ النمو في بعض القطاعات الحيوية، إضافة إلى تذبذب أسعار النفط عالمياً.
فجوة بين المعلن والواقع
ويؤكد خبراء أن استمرار تدهور السوق السعودي رغم توقيع صفقات بمئات المليارات يعكس فجوة بين السياسات الاستثمارية المعلنة وواقع الأداء الاقتصادي، ويطرح تساؤلات حول قدرة هذه الاتفاقيات على تحقيق انتعاش فعلي في ظل الضغوط المالية والاقتصادية الحالية.











