في حادثة أثارت موجة من القلق والاستنكار، عثر صباح اليوم على ملصق ذي طابع دعوي متشدد، وضع على جدار الكنيسة المطرانية المارونية في مدينة طرطوس غربي سوريا، يدعو بشكل صريح أبناء الديانة المسيحية إلى اعتناق الإسلام أو دفع الجزية، ويشمل عبارات تحمل خطابا إقصائيا وعدائيا تجاه الأديان الأخرى، مع تأكيد على “بطلانها”، وتوقيع غير واضح يظهر أسفل العبارة: “بني أمية مروا من هنا.”
مدينة التنوع… وأصوات الإقصاء
طرطوس، التي تعرف تاريخيا بأنها من أبرز مدن الساحل السوري الغنية بالتنوع الديني والمذهبي، لطالما مثلت نموذجا للعيش المشترك بين مختلف الطوائف والمعتقدات. لكن ظهور هذا الملصق، الذي لم تعلن أي جهة حتى الآن مسؤوليتها عنه، يهدد بتقويض هذه البيئة التعددية، ويفتح الباب أمام توترات اجتماعية في وقت تحتاج فيه البلاد إلى تعزيز عوامل الوحدة والتماسك المجتمعي.
دعوات لحماية السلم الأهلي
أدان المرصد السوري لحقوق الإنسان هذه الحادثة، مؤكدا أن “احترام حرية المعتقد والاعتراف بالتنوع الديني هو أساس السلم الأهلي”، محذرا من أن مثل هذه الخطابات التحريضية قد تؤدي إلى تصعيد في التوترات الطائفية، وتمس جوهر التعايش في مدن مثل طرطوس.
وأضاف المرصد أن هذه التصرفات لا تعبر عن غالبية المجتمع السوري، بل تمثل تهديدا مباشرا لـ”النسيج الاجتماعي المتنوع”، داعيا إلى “الوقوف بحزم في وجه كل من يسعى لترويج خطاب الكراهية، وتفعيل القوانين التي تكفل حماية حرية المعتقد وحق الجميع في العيش بأمان تحت سقف الوطن”.
الجهات الأمنية مطالبة بالتحرك
في ظل الغموض الذي يحيط بمرتكبي هذا الفعل، دعا ناشطون ومراقبون إلى تحقيق شفاف وعاجل للكشف عن خلفيات الحادثة، ومحاسبة من يقف وراءها، مشددين على أن التراخي في التعامل مع مثل هذه الممارسات قد يؤدي إلى نتائج خطيرة على المستوى الأمني والاجتماعي في المدينة.
في بلد أنهكته الحرب والانقسامات، أي خطاب إقصائي أو ديني متشدد قد يكون بمثابة شرارة لنزاع جديد، لا تحتمله المدن السورية التي تبحث عن استقرار هش ونافذة أمل في مستقبل يعمه السلام والتسامح. وعلى الدولة وأجهزتها أن تبادر، قبل أن تتحول جدران المحبة إلى منصات للكراهية.










