استعدادات إسرائيلية لضرب منشآت إيران النووية وسط خلافات أمريكية بشأن توقيت ومدى الرد
كشفت تقارير استخباراتية أمريكية حديثة عن استعدادات إسرائيلية متصاعدة لتوجيه ضربة عسكرية محتملة ضد المنشآت النووية الإيرانية، في وقت تتزايد فيه الخلافات داخل الإدارة الأمريكية حول مدى دعم أي خطوة إسرائيلية منفردة. تأتي هذه التطورات في ظل سعي إدارة الرئيس دونالد ترامب لإبرام اتفاق دبلوماسي مع طهران، ورفض إسرائيل لأي صفقة لا تضمن إزالة كاملة للبرنامج النووي الإيراني.
معلومات استخباراتية تكشف عن تجهيزات إسرائيلية وشيكة
أفادت شبكة “سي إن إن” الأمريكية نقلاً عن مسؤولين أمريكيين مطلعين أن معلومات استخباراتية جديدة حصلت عليها الولايات المتحدة تشير إلى أن إسرائيل تجهز لضربة محتملة على منشآت نووية إيرانية. وبينما لم يتضح بعد ما إذا كانت إسرائيل قد اتخذت قراراً نهائياً بشأن هذه الضربة، أكد المسؤولون الأمريكيون أن احتمال شن إسرائيل لهجوم على منشأة نووية إيرانية “ازداد بشكل ملحوظ مؤخراً”.
وفق المصادر ذاتها، فإن اعتراض اتصالات وتحركات عسكرية إسرائيلية يشير إلى ضربة وشيكة للمنشآت الإيرانية. كما نقلت مصادر إسرائيلية للشبكة الأمريكية أن إسرائيل نقلت ذخائر جوية واستكملت مناورات تحاكي ضربة لإيران، وأنها تستعد لضرب إيران بشكل منفرد.
ويعود تاريخ هذه الاستعدادات إلى فترة سابقة، حيث كشفت تقارير أن إسرائيل كانت قد خططت لهجوم مشترك مع الولايات المتحدة في مايو/أيار، لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفض هذه الخطط مفضلاً المسار الدبلوماسي.
خلافات عميقة داخل واشنطن بشأن الرد الإسرائيلي المحتمل
كشفت المصادر الأمريكية عن وجود “خلافات عميقة داخل الحكومة الأمريكية بشأن احتمالية قيام إسرائيل بالتحرك في نهاية المطاف”. ويبدو أن هذه الخلافات تعكس انقساماً داخل الإدارة الأمريكية بين من يدعم الحق الإسرائيلي في الدفاع عن نفسها ضد التهديد النووي الإيراني، وبين من يفضل حلاً دبلوماسياً يجنب المنطقة حرباً جديدة.
وذكر تقرير لشبكة “سي إن إن” أن “مثل هذه الضربة ستكون خروجاً صارخاً عن سياسة الرئيس دونالد ترامب، كما يمكن أن تؤدي إلى اندلاع صراع إقليمي أوسع في الشرق الأوسط وهو ما تحاول الولايات المتحدة تجنبه”. وأضاف المصدر أن “من غير المرجح أن تساعد واشنطن إسرائيل في شن هجمات على مواقع نووية إيرانية حالياً”.
ووفقاً لمصادر مطلعة، يفضل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران بدلاً من العمل العسكري، “لكنه لم يستبعد دعم ضربة إسرائيلية حال فشل المفاوضات”.
صراع استراتيجي بين إدارة ترامب وحكومة نتنياهو
يأتي هذا التوتر في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية بعد فترة من التقارب بينهما. ووفقاً لتقارير إعلامية، فإن نتنياهو ذهب إلى البيت الأبيض بشكل عاجل وبطريقة دراماتيكية في أبريل/نيسان الماضي، “محمَّلاً بقناعة أن هناك فرصة استراتيجية نادرة لضرب إيران، لا يجوز تفويتها، قد لا تتكرر”.
لكن ترامب، خلال ذلك اللقاء، قرر المضي قدماً في مسار المفاوضات مع إيران، وهو ما شكل صدمة لنتنياهو الذي “فضّل الصمت”. وتشير التقارير إلى أن “الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قوض مقترحات إسرائيلية لشن سلسلة من الضربات المشتركة الشهر المقبل على المنشآت النووية الإيرانية، مفضلاً بدلاً من ذلك محاولة إيجاد حل دبلوماسي لمشكلة برنامج طهران النووي”.
وفي هذا السياق، يبرز تضارب في الرؤى والمصالح بين الجانبين. ففي حين “يرى نتنياهو أن المرحلة الحالية مثالية لضرب إيران بسبب تراجع دفاعاتها الجوية وضعف نفوذها في المنطقة”، تفضل إدارة ترامب تجنب حرب جديدة في الشرق الأوسط.
خطط الهجوم الإسرائيلي والتداعيات المحتملة
تشير التقارير إلى أن الخطط الإسرائيلية للضربة تشمل “مزيجاً من الضربات الجوية وعمليات الكوماندوز التي تتفاوت في شدتها، ويمكن أن تؤخر قدرة طهران على تسليح برنامجها النووي لعدة أشهر أو عام أو أكثر”. لكن المحللين يعتقدون أن “ضربة عسكرية لن تُنهي البرنامج النووي الإيراني بل ستؤخره فقط، وقد تدفع طهران إلى تسريع التخصيب في منشآت تحت الأرض بعد طرد مفتشي الوكالة الدولية”.
وقد حذّرت إيران من أنها “سترد بقوة على أي هجوم يستهدف منشآتها النووية، ما يزيد من احتمالية تصعيد الصراع في المنطقة”.
المستقبل القريب للأزمة
مع استمرار التصعيد في هذه المواجهة، يبدو أن القادة الإسرائيليين والأمريكيين يسيرون على حافة الهاوية. المسار الذي سيختارونه سيحدد ليس فقط مستقبل البرنامج النووي الإيراني، بل أيضاً استقرار المنطقة بأكملها.
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو: “نأمل أن نشجع الإيرانيين على اتباع طريق السلام الذي يسمح لهم بتطوير اقتصادهم والذي يسمح لهم أيضاً إن أرادوا بامتلاك برنامج للطاقة النووية المدنية مثل الدول الأخرى دون تخصيب”. وأضاف: “أؤكد أن إيران لن تحصل أبداً على سلاح نووي وعليها أن تسلك طريقاً مغايراً للذي سلكته طوال العشر أعوام الماضية”.
وتبقى الأسئلة المطروحة: هل ستمضي إسرائيل قدماً في ضربة منفردة ضد إيران رغم التحفظات الأمريكية؟ وهل ستنجح المفاوضات الأمريكية الإيرانية في التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف؟ وما هي التداعيات المحتملة على استقرار منطقة الشرق الأوسط التي تعاني أصلاً من أزمات متعددة؟











