مهدت وزارة التجارة الأميركية الطريق لفرض رسوم مكافحة الدعم على واردات المكونات الرئيسية للبطاريات من الصين، بعد أن خلصت إلى أن هذه المواد حصلت على دعم حكومي غير عادل، في خطوة من شأنها رفع تكلفة إنتاج السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة وزيادة حدة التوتر الاقتصادي بين أكبر اقتصادين في العالم.
خلفية القرار وتداعياته
جاء هذا التحرك الأميركي في إطار سياسة أوسع تستهدف الحد من الاعتماد على المنتجات الصينية، خاصة في القطاعات الاستراتيجية مثل الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية. وتشير بيانات الجمارك إلى أن الصين تسيطر حالياً على أكثر من سبعين بالمئة من واردات بطاريات الليثيوم أيون غير المخصصة للسيارات الكهربائية في السوق الأميركية، ما يجعل أي تغيير في الرسوم الجمركية مؤثراً بشكل مباشر على الأسعار وسلاسل التوريد.
وقد ارتفع معدل الرسوم الجمركية الفعلي على واردات بطاريات الليثيوم أيون الصينية من عشرة فاصل تسعة بالمئة إلى مئة وخمسة وخمسين فاصل تسعة بالمئة، ما أدى إلى زيادة تكلفة النظام للمشاريع المتأثرة من حوالي مئتين وعشرة دولار إلى أكثر من أربعمئة دولار لكل كيلوواط ساعة. هذا الارتفاع الحاد في التكاليف يدفع الشركات الأميركية إلى إعادة النظر في مصادر التوريد، وإعادة هيكلة سلاسل الإمداد، وربما نقل جزء من الإنتاج إلى دول أخرى مثل المكسيك.
حرب تجارية متجددة وأبعاد أوسع
تأتي هذه الإجراءات ضمن سلسلة من الرسوم الجمركية التي فرضتها واشنطن منذ عام ألفين وثمانية عشر، والتي شملت قطاعات عدة من بينها الصلب، أشباه الموصلات، السيارات الكهربائية، وألواح الطاقة الشمسية. وقد بلغت قيمة البضائع الصينية الخاضعة للرسوم الأميركية نحو ثلاثمئة وخمسين مليار دولار، في حين ردت بكين برسوم مضادة على صادرات أميركية بقيمة مئة مليار دولار، ما عمق من الحرب التجارية بين البلدين.
ويحذر خبراء الاقتصاد من أن استمرار التصعيد الجمركي قد يضر بالتعافي الاقتصادي الهش في الصين، التي تعتمد بشكل كبير على التصدير، كما قد يؤثر سلباً على الشركات الأميركية التي تعتمد على المكونات الصينية في صناعتها، خاصة في ظل عدم وجود بدائل محلية كافية بنفس الكفاءة والسعر.
محاولات التفاف وتحديات أمنية
في مواجهة هذه الرسوم، لجأت بعض الشركات الصينية إلى نقل خطوط إنتاجها إلى المكسيك لتصدير المنتجات إلى الولايات المتحدة تحت شعار صنع في المكسيك، مستفيدة من اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين. إلا أن واشنطن كثفت مراقبتها للبضائع الواردة من الجنوب، خاصة تلك المتعلقة بالسيارات الكهربائية وبطارياتها، لأسباب اقتصادية وأمنية، إذ تخشى من مخاطر جمع البيانات والتجسس التقني عبر هذه المكونات.
ختاماً
تصعيد واشنطن الأخير ضد واردات البطاريات الصينية يمثل محطة جديدة في الحرب التجارية المستمرة، ويهدد بإعادة تشكيل خريطة الصناعة العالمية للطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، في ظل سباق محموم على الريادة التكنولوجية والاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين.











