كشفت الولايات المتحدة، للمرة الثانية في غضون أشهر، معلومات استخباراتية حسّاسة تتعلق بمخطط عسكري إسرائيلي لاستهداف إيران، في خطوة تطرح تساؤلات واسعة حول دوافع واشنطن الحقيقية من هذا التسريب: هل تهدف إلى تهديد طهران وتحسين شروطها في المفاوضات النووية، أم إلى إفشال العملية الإسرائيلية قبل تنفيذها؟
وجاء الكشف الأميركي بعد يوم واحد فقط من تصريح للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي اعتبر فيه أن “المفاوضات النووية لن تنجح”، ما يعزز فرضية أن الطرفين، الأميركي والإيراني، يناوران لرفع سقف مطالبهما التفاوضية، خاصة مع استمرار الخلاف العميق حول ملف تخصيب اليورانيوم.
لكن محللين يرون أن تسريب المخططات ربما يهدف بشكل مباشر إلى تعطيل الهجوم الإسرائيلي على إيران، انطلاقًا من رغبة واشنطن في إعطاء فرصة إضافية للمسار الدبلوماسي. ويرى هؤلاء أن أي عمل عسكري قد ينسف فرص التوصل إلى اتفاق نووي جديد ويؤجج التوترات الإقليمية، وهو ما لا يصب في مصلحة الإدارة الأميركية.
الكاتب المتخصص في الشأن الإسرائيلي فراس ياغي قال في حديث لـ”المنشر” إن واشنطن تحاول من خلال التسريب إرسال رسائل مزدوجة: أولاً، الضغط على إيران عبر الإيحاء بوجود تهديد عسكري جدي، وثانيًا، التأكيد لطهران أن الولايات المتحدة لا تدعم هذه الضربة الإسرائيلية. ويضيف ياغي أن “أميركا لا تريد حربًا، لكنها تلوّح بها لانتزاع تنازلات من إيران”، مشيرًا في الوقت نفسه إلى مخاوف واشنطن من إقدام إسرائيل على مغامرة عسكرية تُفشل المسار التفاوضي.
ويأتي التسريب الأميركي في سياق توتر سياسي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث استثنى ترامب إسرائيل مؤخرًا من جولته في الشرق الأوسط، ما فُسّر على أنه رسالة انزعاج من السياسات الإسرائيلية.
ورغم ذلك، يرى مراقبون أن نتنياهو سيستفيد داخليًا من هذه التسريبات، إذ تظهره كزعيم يملك خططًا جاهزة لضرب إيران، وهو ما يعزز موقعه داخل الشارع اليميني الإسرائيلي، حتى لو لم يُنفّذ الهجوم فعليًا.
في المحصلة، يبدو أن الولايات المتحدة تمسك بزمام المبادرة في ما يخصّ الملف الإيراني، وتتحكم بإيقاع المواجهة والتفاوض في آن معًا. فالتسريب الأميركي ليس فقط تحذيرًا لإسرائيل أو ضغطًا على إيران، بل أيضًا تأكيد على أن قرار الحرب والسلم في المنطقة لا يزال في يد واشنطن.










