مقتل موظفين في السفارة الإسرائيلية بإطلاق نار أمام المتحف اليهودي في واشنطن
لقي موظفان من السفارة الإسرائيلية في واشنطن مصرعهما مساء الأربعاء إثر تعرضهما لإطلاق نار خارج متحف العاصمة اليهودي، بينما كانا يغادران فعالية للمهنيين الشباب. وقد أعلنت الشرطة أن المشتبه به صرخ “فلسطين حرة” أثناء اعتقاله، مما يشير إلى دوافع محتملة مرتبطة بمعاداة السامية، وسط ردود فعل واسعة من المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين.
تفاصيل الحادث
وقع إطلاق النار حوالي الساعة التاسعة مساء يوم الأربعاء 21 مايو 2025 خارج متحف العاصمة اليهودي في وسط واشنطن، المعروف رسمياً باسم “متحف ليليان وألبرت سمول اليهودي في العاصمة”. وفقاً لرئيسة شرطة واشنطن باميلا سميث، كان المشتبه به يتجول ذهاباً وإياباً خارج المتحف قبل الحادث، ثم “اقترب من مجموعة من أربعة أشخاص، وأخرج مسدساً وفتح النار”.
وأضافت سميث في مؤتمر صحفي: “نعتقد أن إطلاق النار تم من قبل مشتبه به واحد وهو الآن قيد الاعتقال. بعد إطلاق النار، دخل المشتبه به المتحف وتم احتجازه من قبل أمن الفعالية”. وقد تم العثور على المجني عليهما فاقدين للوعي ولا يتنفسان، وعلى الرغم من جهود الإنقاذ، أعلنت وفاتهما في الموقع.
وقعت الحادثة في منطقة محورية من واشنطن، قريبة من مبنى الكابيتول وعلى بعد أقل من ميل ونصف من البيت الأبيض، وبالقرب من مكتب التحقيقات الفيدرالي الميداني ومكتب المدعي العام الأمريكي.
الضحايا
كشف السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة يحيئيل لايتر أن الضحيتين كانا “زوجين على وشك الخطوبة”. وأضاف: “اشترى الشاب خاتماً هذا الأسبوع بنية التقدم لخطبة صديقته الأسبوع المقبل في القدس”. وكانا الضحيتان يغادران فعالية استضافتها اللجنة اليهودية الأمريكية (AJC) للمهنيين الشباب والدبلوماسيين.
ووصف طال نعيم كوهين، متحدث باسم السفارة الإسرائيلية، عملية إطلاق النار بأنها تمت “عن قرب” أثناء مشاركة الموظفين في فعالية يهودية بالمتحف. وأكد متحدث باسم السفارة لشبكة CNN أن السفير لم يكن موجوداً عندما وقع إطلاق النار.
المشتبه به والتحقيق
تم تحديد هوية المشتبه به بأنه إلياس رودريغيز، البالغ من العمر 30 عاماً، من شيكاغو. وقد اعتقلته قوات الأمن بعد أن دخل المتحف عقب إطلاق النار. وأفادت تقارير أن المشتبه به أخرج كوفية حمراء وهتف “فلسطين حرة، فلسطين حرة” أثناء وجوده قيد الاعتقال.
ووفقاً لشهود عيان داخل المتحف، بدا المشتبه به مضطرباً وتم مساعدته وإعطاؤه الماء قبل أن يتم التعرف عليه كمشتبه به. وقد كشف للشرطة عن مكان تخلصه من السلاح الذي استخدمه، والذي تم استرداده لاحقاً من قبل قوات إنفاذ القانون.
يتولى مكتب التحقيقات الفيدرالي التحقيق في الحادث، حيث أكدت فرقة العمل المشتركة لمكافحة الإرهاب التابعة للمكتب مشاركتها في التحقيق. وأعلن متحدث باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي أنه “لا يوجد تهديد مستمر للسلامة العامة”.
ردود الفعل
سارع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إدانة الهجوم، قائلاً: “يجب أن تتوقف هذه الجرائم الفظيعة في واشنطن، المبنية بوضوح على معاداة السامية، الآن!”. وأضاف عبر وسائل التواصل الاجتماعي: “لا مكان للكراهية والتطرف في الولايات المتحدة الأمريكية”.
كما أعربت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم عن تعازيها في منشور على منصة X: “تم قتل موظفي السفارة بشكل غادر الليلة بالقرب من المتحف اليهودي في واشنطن العاصمة. نحن نحقق بنشاط ونعمل على جمع المزيد من المعلومات للمشاركة. الرجاء الصلاة من أجل عائلات الضحايا”.
ووصف السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون الحادث بأنه “عمل إرهابي معاد للسامية”، قائلاً: “مهاجمة الدبلوماسيين والمجتمع اليهودي هو تجاوز للخط الأحمر. نحن نثق في أن السلطات الأمريكية ستتخذ إجراءات حاسمة ضد المسؤولين عن هذا العمل الشنيع”.
من جانبه، أعرب الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ عن صدمته من الحادث، مؤكداً أن الولايات المتحدة وإسرائيل “تقفان متحدتين في الدفاع عن الشعب والقيم المشتركة”.
خلفية عن المتحف والفعالية
متحف العاصمة اليهودي، المعروف رسمياً باسم متحف ليليان وألبرت سمول اليهودي في العاصمة، هو متحف تاريخي في واشنطن العاصمة، يركز على تاريخ الحياة اليهودية في العاصمة الأمريكية والمنطقة المحيطة بها. كان المتحف يستضيف في وقت الحادث فعالية للمهنيين الشباب والدبلوماسيين تحت عنوان “استقبال الدبلوماسيين الشباب” التي نظمتها اللجنة اليهودية الأمريكية.
وكان موضوع الفعالية هذا العام “تحويل الألم إلى هدف”، حيث استمع الحاضرون إلى ممثلين عن تحالف متعدد الأديان ومنظمة IsraAID غير الربحية حول الدبلوماسية الإنسانية وكيفية عمل ائتلاف من المنظمات معاً في الاستجابة للأزمات الإنسانية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقد أشار تيد دويتش، الرئيس التنفيذي للجنة اليهودية الأمريكية، إلى أن منظمته كانت تستضيف فعالية في المتحف تلك الليلة، قائلاً: “نحن محطمون لأن عملاً لا يوصف من العنف حدث خارج المكان. مع انتظار المزيد من التفاصيل من الشرطة حول ما حدث، تركيزنا وأفكارنا موجهة فقط نحو المتضررين وعائلاتهم”.
سياق تزايد معاداة السامية
يأتي هذا الحادث في ظل تزايد حالات معاداة السامية في الولايات المتحدة منذ هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023. ووفقاً لأحدث تقرير عن حالة معاداة السامية في أمريكا الصادر عن اللجنة اليهودية الأمريكية، فإن ثلث اليهود الأمريكيين كانوا هدفاً لمعاداة السامية خلال العام الماضي.
وقد أشار مارك أوبنهايمر، أستاذ ممارس في مركز جون سي. دانفورث للدين والسياسة بجامعة واشنطن في سانت لويس وخبير في الحياة والثقافة اليهودية، إلى أن “المجتمع لا ينجو حراً وليبرالياً عندما يكون اليهود تحت الهجوم. معاداة السامية العنيفة هي دائماً علامة على أن المستبدين قادمون”.
التداعيات الأمنية
أشارت بياتريس جورويتز، المديرة التنفيذية للمتحف اليهودي في العاصمة، في تصريحات سابقة للحادث إلى أن “المؤسسات اليهودية في جميع أنحاء المدينة وفي كل مكان، قلقة بشأن الأمن بسبب بعض الحوادث التي تعرضت لها المؤسسات وبسبب مناخ معاداة السامية”.
وكانت حكومة مقاطعة كولومبيا قد أعلنت مؤخراً عن منح بقيمة نصف مليون دولار للمنظمات غير الربحية المحلية للمساعدة في تعويض تكاليف الأمن. وكان أحد المستفيدين هو متحف ليليان وألبرت سمول اليهودي في العاصمة، الذي أعرب عن مخاوف جدية بشأن الأمن، ليس فقط لأنه منظمة يهودية، ولكن أيضاً بسبب معرض جديد يركز على مجتمع المثليين.
الخاتمة
لا يزال التحقيق جارياً في هذا الحادث المأساوي الذي أودى بحياة موظفين من السفارة الإسرائيلية، وسط مخاوف متزايدة من تصاعد العنف المرتبط بمعاداة السامية في الولايات المتحدة. ومن المتوقع أن تؤدي هذه الحادثة إلى مزيد من النقاش حول سياسات الأمن وحماية المؤسسات اليهودية والدبلوماسية في البلاد، فضلاً عن الجهود المبذولة لمكافحة خطاب الكراهية والتطرف.
وقد أعلنت السلطات الأمريكية عن تشديد الإجراءات الأمنية حول المؤسسات اليهودية والسفارات الأجنبية في واشنطن، مع استمرار التحقيقات لتحديد ما إذا كان المشتبه به قد تصرف بمفرده أم كان جزءاً من مخطط أوسع.










