انطلقت يوم الجمعة 23 مايو 2025 الجولة الخامسة من المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن في العاصمة الإيطالية روما، بوساطة سلطنة عُمان
الجولة الخامسة من المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن في روما، تاتي في ظل تصاعد التوترات حول البرنامج النووي الإيراني وتضارب واضح في المواقف بين الطرفين حول قضايا جوهرية، خاصة تخصيب اليورانيوم ورفع العقوبات الاقتصادية.
وتمثل هذه الجولة محطة حاسمة في مسار دبلوماسي معقد يهدف إلى حل أزمة نووية مستمرة منذ عقود، حيث يسعى الطرفان لتحقيق مصالحهما المتباينة وسط ضغوط إقليمية ودولية متزايدة.
المفاوضات والسياق السياسي
تُعد الجولة الحالية استمرارًا لسلسلة من المفاوضات بدأت في 12 أبريل 2025، حين عُقدت الجولة الأولى في العاصمة العُمانية مسقط.
شهدت المفاوضات السابقة تطورات متباينة، حيث وُصفت الجولة الأولى بأنها “إيجابية وبناءة”، بينما كانت الجولة الرابعة التي اختُتمت في مسقط “صعبة لكنها مفيدة” وفقًا للمتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي.
يترأس الوفد الإيراني وزير الخارجية عباس عراقجي، بينما يقود الجانب الأمريكي ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترامب لشؤون الشرق الأوسط.
و تُجرى المفاوضات بشكل غير مباشر عبر وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي، الذي يلعب دور الوسيط بين الطرفين حيث تشير التقارير إلى أن الطرفين يجلسان في قاعتين منفصلتين، حيث ينقل الوسيط العُماني الرسائل بينهما، رغم حدوث لقاءات مباشرة قصيرة في بعض الجولات السابقة.
الخلافات الجوهرية حول تخصيب اليورانيوم
تشكل قضية تخصيب اليورانيوم النقطة الأكثر إثارة للجدل في المفاوضات الحالية، حيث تتمسك كل دولة بموقف متشدد.
وصرح الوزير الإيراني عراقجي قبل مغادرته إلى روما عبر منصة “إكس”: “معادلة التوصل إلى اتفاق ليست معقدة: سلاح نووي صفر = لدينا اتفاق. تخصيب صفر = لا اتفاق”، هذا التصريح يعكس الموقف الإيراني الرافض لأي مطالب أمريكية بوقف عمليات التخصيب بشكل كامل.
في المقابل، تطالب الولايات المتحدة بتقييد قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم لمنع إنتاج أسلحة نووية محتملة.
صرح المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف أن بلاده “لا يمكنها السماح حتى بنسبة واحد في المئة من قدرة التخصيب”.
و تعتبر إيران هذا الموقف انتهاكًا لحقوقها المشروعة كعضو في معاهدة حظر الانتشار النووي، والتي تضمن حق الدول في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية.
ارتفعت معدلات تخصيب اليورانيوم في إيران من 3.76% المحددة في اتفاق 2015 إلى 60% حاليًا، وذلك ردًا على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018.
هذا التصعيد يثير مخاوف دولية من اقتراب إيران من عتبة إنتاج أسلحة نووية، مما يزيد من تعقيد المفاوضات الجارية.
مطالب الطرفين والأهداف الاستراتيجية
تسعى إيران بشكل أساسي إلى رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية التي تشل اقتصادها المعتمد على النفط.
وتطالب طهران برفع شامل وفعّال للعقوبات الأحادية الجانب التي وصفتها بـ”غير القانونية”، إضافة إلى ضمانات قانونية أمريكية بعدم الانسحاب الأحادي من أي اتفاق مستقبلي، كما حدث عام 2028.
من جانبها، تهدف الولايات المتحدة إلى منع إيران من تطوير قدرات نووية عسكرية قد تشعل سباق تسلح نووي في المنطقة.
ويريد الرئيس ترامب التوصل إلى اتفاق جديد يحل محل اتفاق 2015، مع فرض قيود أكثر صرامة على البرنامج النووي الإيراني، كما تسعى واشنطن لاستخدام ورقة الضغط العسكري، حيث هدد ترامب بشن هجمات عسكرية ضد إيران في حال فشل المفاوضات.
التحديات والعقبات أمام التوصل لاتفاق
تواجه المفاوضات عقبات جوهرية تتجاوز قضية التخصيب النووي، حيث تشير التقارير إلى وجود “تصريحات متناقضة” من المسؤولين الأمريكيين داخل وخارج قاعات التفاوض.
كما تعاني الإدارة الأمريكية من تباينات داخلية حول التعامل مع الملف الإيراني، مما انعكس في إقالة مستشار الأمن القومي مؤخرًا.
أعرب المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي عن شكوكه حول إمكانية نجاح المفاوضات، قائلاً: “لا نظن أنها ستُفضي إلى نتيجة”.
هذا التصريح يعكس التحفظات الإيرانية حول الجدية الأمريكية في التوصل لاتفاق عادل. في المقابل، تتصاعد الضغوط الإسرائيلية والأوروبية لعرقلة المفاوضات، حيث تشير تقارير إلى تسريبات إسرائيلية حول “الفرصة المثالية لضرب المنشآت النووية الإيرانية”.










