في خطوة تاريخية تهدف إلى تعزيز سيادة الدولة اللبنانية وإنهاء فصول من الفوضى الأمنية، أعلنت الحكومة اللبنانية، بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، عن خطة شاملة لسحب الأسلحة من المخيمات الفلسطينية، على أن تنطلق العملية في 15 يونيو 2025.
القرار جاء بعد مفاوضات استمرت أشهرًا بين الجانبين، توّجت بتشكيل لجنة لبنانية-فلسطينية مشتركة للإشراف على تنفيذ الخطة، وسط تحذيرات من تحديات أمنية متوقعة، واعتراض بعض الفصائل المسلحة.
جذور الأزمة: من نكبة 1948 إلى حرب المخيمات
تعود جذور ملف السلاح الفلسطيني في لبنان إلى نكبة عام 1948، حيث نشأت المخيمات الفلسطينية كملاجئ مؤقتة تحولت مع الوقت إلى مناطق شبه معزولة تأوي نحو 174 ألف لاجئ، وفق إحصاءات الأونروا.
وسمح “اتفاق القاهرة” عام 1969 للفصائل الفلسطينية بحمل السلاح داخل هذه المخيمات، إلا أن الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) فاقمت التعقيدات الأمنية، وجعلت من المخيمات بؤرًا للتوتر يصعب اختراقها.
تفاصيل الاتفاق: خطة متعددة المراحل وضمانات مشتركة
بحسب مصادر حكومية، تبدأ المرحلة الأولى في مخيمي برج البراجنة وشاتيلا في بيروت، قبل أن تمتد إلى مخيمات الجنوب والشمال، لا سيما عين الحلوة والبداوي.
أبرز بنود الخطة تشمل:
نشر قوى أمن لبنانية على مداخل المخيمات ومحيطها الخارجي.
تركيب منظومة مراقبة بالكاميرات الذكية.
فتح مراكز شرطة داخلية بإشراف لبناني فلسطيني مشترك.
وقال رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام: “لا مكان للسلاح خارج سلطة الدولة… هذه خطوة نحو لبنان موحد وآمن.”
مخاوف أمنية: سيناريوهات متشائمة ومعارضة مسلحة
رغم التفاؤل الرسمي، يحذر مراقبون من تكرار سيناريو معركة نهر البارد (2007)، التي انتهت بعدة مئات من القتلى والجرحى. وتشير تقارير إلى وجود أسلحة متوسطة وثقيلة داخل مخيم عين الحلوة، قد تكفي لتسليح لواء عسكري.
وفيما أعلنت حركة الجهاد الإسلامي رفضها القاطع للخطة، أعربت حركة فتح عن تحفظها، مشترطة ضمان حماية المخيمات من أي هجوم إسرائيلي مستقبلي.
تداعيات إقليمية: تحسين العلاقات وفرص للاجئين
يمثل هذا الاتفاق نقطة تحول في العلاقات اللبنانية الفلسطينية، خاصة بعد زيارة الرئيس محمود عباس إلى بيروت في مايو 2025، حيث صرح بأن “المخيمات جزء من النسيج اللبناني”.
من أبرز التداعيات المتوقعة:
مشاريع تنموية لتحسين أوضاع اللاجئين الاقتصادية.
تسهيل اندماج الفلسطينيين في سوق العمل اللبناني.
تعزيز التعاون الأمني لمكافحة الإرهاب والتطرف.
وتشكل هذه الخطوة اختبارًا كبيرًا لقدرة الدولة اللبنانية على فرض سيادتها الكاملة، لكنها أيضًا فرصة لتحسين حياة عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. ومع أن التحديات الأمنية والاعتراضات السياسية لا تزال قائمة، فإن نجاح العملية قد يفتح صفحة جديدة من الاستقرار والتعاون المشترك.










