أدانت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا ما وصفته بـ”الجريمة السياسية والحقوقية الخطيرة” التي ارتكبها رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، وذلك عقب إجبار الآلاف من الموظفين المدنيين والعسكريين على التظاهر في ميدان الشهداء دعماً له، في مشهد غير مسبوق في البلاد.
وقالت المؤسسة في بيان رسمي:”تلقينا بلاغات وشكاوى موثقة من موظفين مدنيين تعرضوا لضغوط مباشرة وتهديدات صريحة بإجراءات تعسفية في حال رفضهم المشاركة في المظاهرة، من بينها التهديد بالفصل، النقل التعسفي، ووقف المرتبات”.
وأضاف البيان أن “آلاف الموظفين أجبروا على الخروج في مظاهرات دعائية لدعم رئيس الحكومة، وهو سلوك يعكس أسوأ صور القمع والتسلط ويمثل انحدارًا خطيرًا نحو استعباد القرار السياسي للمواطنين”.
ووصفت المؤسسة ما حدث بأنه “جريمة استخدام أجهزة الدولة ومواردها لفرض الولاء السياسي بالقوة والإكراه”، محمّلة الدبيبة ووزراءه المسؤولية الكاملة عن “تعريض حياة المدنيين الأبرياء للخطر، والزجّ بهم في ساحة شهدت تحشيدات مسلحة واشتباكات دامية”.
وتابع البيان: “الحكومة سعت فقط لتصوير مشهد دعائي مفضوح لتلميع صورتها، وبفعلها هذا لم تفقد شرعيتها فقط، بل سقطت أخلاقيًا ووطنياً”.
كما أعربت المؤسسة عن تفهمها للضغوط التي مورست على العسكريين وكتائب الأمن ووزارة الداخلية، خصوصاً من مدينة مصراتة، معتبرة أن “إجبار العسكريين على التظاهر يشكل تهديدًا خطيرًا بتسييس وعسكرة مؤسسات الدولة، وهو أمر يتعارض كلياً مع مطالب الليبيين بالتغيير السياسي وإجراء الانتخابات”.
وأكدت المؤسسة أنها بصدد تقديم بلاغ رسمي عاجل إلى مكتب النائب العام يتضمن أسماء المسؤولين المتورطين، ونسخًا من البلاغات الواردة من الموظفين المدنيين، إلى جانب شروعها في توثيق كافة الانتهاكات ذات الصلة لإحالتها إلى الهيئات الحقوقية الدولية.
وطالبت المؤسسة بـ”التحقيق الفوري مع رئيس الحكومة والوزراء المعنيين، ومحاسبتهم عن هذه الجريمة”، داعية كافة مؤسسات الدولة والبعثات الدولية إلى “اتخاذ موقف واضح وصريح تجاه هذه الانتهاكات التي تمهد لدولة بوليسية لا مكان فيها للحرية أو الكرامة أو سيادة القانون”.
واختتم البيان بالقول:”من يستغل مؤسسات الدولة لفرض الولاء السياسي لا يختلف عن أنظمة الاستبداد، والسكوت عن هذا الانحراف هو خيانة للمبدأ والضمير والوطن، ولن تتسامح المؤسسة معه تحت أي ظرف كان”.










