أعلنت الحكومة الإندونيسية عن إطلاق حزمة تحفيز اقتصادي شاملة في 5 يونيو المقبل، في خطوة استراتيجية تهدف إلى إنعاش النشاط الاقتصادي وتعزيز القدرة الشرائية للمستهلكين في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي الذي يشهده أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا.
تشمل الحزمة الجديدة مجموعة واسعة من الإجراءات التي تستهدف بشكل مباشر دعم الأسر ذات الدخل المحدود وتحفيز الاستهلاك المحلي، حيث تتضمن خصمًا بنسبة 50% على فواتير الكهرباء لنحو 79,300,000 أسرة، ما من شأنه تخفيف الأعباء المعيشية عن شريحة واسعة من السكان خلال شهري يونيو ويوليو. كما تتضمن الحزمة توزيع مساعدات غذائية على 18,300,000 أسرة من ذوي الدخل المحدود، في إطار جهود الحكومة لمواجهة التضخم الغذائي وتحسين الأمن الغذائي للأسر الأكثر احتياجًا.
وتشمل الإجراءات أيضًا تقديم تحويلات نقدية للعاملين ذوي الدخل المحدود، وخصومات على تأمين حوادث العمل للعاملين في الصناعات كثيفة العمالة، بهدف دعم القوة الشرائية وتحسين ظروف العمل. إضافة إلى ذلك، سيتم منح تخفيضات على أسعار تذاكر الطيران والقطارات والنقل البحري طوال فترة العطلة المدرسية، إلى جانب خصومات على رسوم الطرق السريعة لنحو 110,000,000 مستخدم خلال شهري يونيو ويوليو، وذلك بهدف تنشيط قطاع السياحة الداخلي وتحفيز الحركة الاقتصادية في موسم الصيف.
شهد الاقتصاد الإندونيسي نموًا بنسبة 4.87% فقط في الربع الأول من عام 2025، وهو أضعف معدل نمو منذ أكثر من ثلاث سنوات، ما دفع البنك المركزي إلى خفض توقعاته للنمو السنوي إلى نطاق يتراوح بين 4.6% و5.4%، مقارنة بتوقعات سابقة تراوحت بين 4.7% و5.5%. ويعود هذا التباطؤ إلى تراجع الطلب على الصادرات، خاصة من الصين والهند، وارتفاع أسعار الفائدة العالمية، ما أثر سلبًا على الاستثمارات الأجنبية واستهلاك الأسر.
تهدف الحكومة من خلال هذه الحزمة إلى رفع معدل النمو الاقتصادي إلى حوالي 5% خلال الربعين الثاني والثالث من العام، عبر تحفيز الطلب المحلي وتعويض ضعف الطلب الخارجي، خاصة وأن إنفاق الأسر يمثل أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
أكد كبير وزراء الاقتصاد، إيرلانغا هارتارتو، أن توقيت إطلاق الحزمة قبل بدء العطلة المدرسية في أواخر يونيو سيمنح دفعة قوية للقدرة الشرائية للأسر، ويعزز من زخم الاستهلاك المحلي في فترة حيوية من العام. كما أشار إلى أن الحكومة تواصل تقييم حجم الحوافز لضمان تحقيق الأثر المطلوب على النمو الاقتصادي.
ويرى خبراء الاقتصاد أن هذه الإجراءات تمثل محاولة ذكية لتعويض ضعف الطلب العالمي عبر تنشيط الاستهلاك المحلي، متوقعين أن تؤدي إلى زيادة مؤقتة في الإنفاق ودعم قطاعي النقل والخدمات، وخفض معدلات التضخم الغذائي لدى الشرائح الأقل دخلًا على المدى القصير.
ورغم أهمية الحزمة في دعم الاقتصاد، تثار تساؤلات حول استدامتها في ظل عجز الموازنة الذي بلغ 0.7%، ما قد يتطلب من الحكومة إعادة النظر في أولويات الإنفاق وإيجاد مصادر تمويل إضافية إذا ما تقرر تمديد هذه الحوافز مستقبلًا.
تأتي حزمة التحفيز الاقتصادي الإندونيسية كاستجابة سريعة وواسعة النطاق لتحديات النمو الراهنة، مع تركيز واضح على دعم الأسر وتحفيز الاستهلاك المحلي، في محاولة للحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني وتحقيق معدل نمو يقارب 5% خلال النصف الثاني من عام 2025.











