في مشهد يعكس منطق القوة الذي تمارسه إسرائيل على الساحة الدولية، خرج وزير خارجيتها جدعون ساعر ملوّحًا بإجراءات عقابية شديدة، محذرًا من أن أي اعتراف أحادي بدولة فلسطينية سيُقابل برد إسرائيلي أحادي، يشمل فرض السيادة على الضفة الغربية وضم المستوطنات ومناطق من غور الأردن.
جاءت هذه التصريحات في أعقاب تصاعد الدعوات الدولية لـ الاعتراف بدولة فلسطينية، وتحديدًا بعد إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن نية بلاده اتخاذ هذه الخطوة رسميًا خلال مؤتمر دولي يُعقد في يونيو. ووفقًا لما نقلته صحيفة يسرائيل هيوم، فقد أوصل ساعر هذا الموقف العدواني مباشرة لنظرائه في فرنسا وبريطانيا خلال محادثات دبلوماسية رفيعة.
ساعر وصف الاعتراف الأوروبي المرتقب بـ”المكافأة للإرهاب”، في إشارة إلى حركة حماس، وزعم أن أي خطوة من هذا النوع تعزز ما وصفه بـ”التطرف” وتهدد الاستقرار الإقليمي، مؤكدًا أن فرنسا ستفقد نفوذها الدولي إذا مضت قدمًا.
أما الرد الإسرائيلي المحتمل، فيتضمن فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، وضم المستوطنات بشكل رسمي، وكذلك التوسع في غور الأردن، ما يعني فعليًا إجهاض حل الدولتين في فلسطين ونسف أي أفق للتسوية.
وتتزامن هذه التهديدات مع تحولات متسارعة في الموقف الأوروبي، حيث أعلنت دول مثل إسبانيا، النرويج، أيرلندا وسلوفينيا نيتها الاعتراف بدولة فلسطين خلال الأسابيع المقبلة. خطوة رحب بها الفلسطينيون، واعتبروها انتصارًا للعدالة، بينما تسببت في حالة من الهستيريا الدبلوماسية داخل إسرائيل، دفعت ساعر للتصعيد وتحذير المجتمع الدولي من “تبعات خطيرة”.
في المقابل، تستعد الأمم المتحدة لاحتضان مؤتمر دولي مرتقب للاعتراف بفلسطين، برعاية فرنسية وسعودية، لبحث الخطوات العملية للاعتراف الرسمي وحدود الدولة الفلسطينية، رغم المعارضة الإسرائيلية الشرسة.
تصريحات ساعر تكشف عن فزع إسرائيلي واضح من التحولات الدولية المتسارعة نحو الاعتراف بدولة فلسطينية. لكنها في الوقت ذاته تفضح ازدواجية الاحتلال: كيف يمكن لدولة تصف نفسها بالديمقراطية أن ترفض الاعتراف بحق شعب في تقرير مصيره؟
التهديد بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وضم المستوطنات وغور الأردن ليس سوى تجسيد لسياسة إسرائيل القائمة على فرض الأمر الواقع، وتكريس دبلوماسية الاحتلال الإسرائيلي كأداة للابتزاز السياسي.
إن رد الفعل الدولي يجب أن يكون أكثر من مجرد بيانات تنديد. الاعتراف بفلسطين ليس مجرد خيار سياسي، بل هو التزام أخلاقي وقانوني. أما إسرائيل، فكلما زادت في تهديد العالم، كشفت عن وجهها الحقيقي: دولة لا تقبل السلام إلا عندما يكون على مقاس احتلالها.










