في مشهد يلخص حجم المعاناة في قطاع غزة، اندفع آلاف المدنيين الفلسطينيين الجائعين نحو ما يُعرف بـ”المناطق العازلة” جنوب القطاع، بعدما فشل الاحتلال الإسرائيلي في تمرير مشروع توزيع المساعدات الإنسانية، الذي حاول من خلاله التغطية على جرائمه بحق أكثر من مليوني إنسان يرزحون تحت الحصار.
الجوع لم يعد حالة طارئة، بل تحوّل إلى سلاح ممنهج يستخدمه الاحتلال لتركيع الشعب الفلسطيني، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية التي يشهدها القرن الحادي والعشرون.
أعلنت حكومة غزة، اليوم الثلاثاء 27 مايو 2025، فشل مشروع الاحتلال الإسرائيلي لتوزيع المساعدات في المناطق العازلة، مؤكدة أن الجوع المتفاقم في غزة دفع آلاف المدنيين إلى اقتحام تلك المناطق تحت ضغط الحاجة، ما أدى إلى إطلاق نار من قبل جنود الاحتلال وإصابة عدد من المواطنين.
وقالت الحكومة إن هذه المشاهد الصادمة تفضح ادعاءات الاحتلال بشأن الجوانب “الإنسانية” في عملياته، وتؤكد أن الهدف من هذا المشروع لم يكن الإغاثة، بل التلاعب السياسي والضغط الميداني.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن توزيع المساعدات الإسرائيلية تم بشكل عشوائي ومهين، دون تنسيق مع الجهات المعنية، وجرى بإشراف مؤسسة أمريكية يُشتبه في ارتباطها بالمخابرات، ما أدى إلى فوضى عارمة ومشاهد من الانهيار الإنساني، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي ونفاد الغذاء والدواء من مستودعات القطاع.
وأضاف البيان أن هذه المحاولات الفاشلة لا تخفي حقيقة الكارثة الإنسانية في غزة، بل تعمّقها، داعيًا المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري لوقف سياسة التجويع الممنهجة وإنهاء الحصار المفروض على القطاع.
في السياق ذاته، كشفت مصادر حقوقية وإعلامية أن جزءًا من المساعدات التي تم توزيعها في جنوب قطاع غزة قد تم الاستيلاء عليه مسبقًا من قبل الاحتلال، وأن ما يجري لا يعدو كونه عملية دعائية تحاول التغطية على جرائم الحرب والتجويع، وسط تحذيرات منظمات إنسانية من مجاعة وشيكة تهدد السكان.
إن ما جرى في “المناطق العازلة” ليس مجرد فشل لوجستي في توزيع مساعدات، بل هو انعكاس واضح لاستراتيجية الاحتلال الإسرائيلي في تحويل العمل الإنساني إلى أداة للسيطرة والإذلال.
فبدلاً من احترام كرامة الإنسان الفلسطيني، تعامل الاحتلال مع حاجاته الأساسية كسلاح يُستخدم لتطويعه، ضارباً بعرض الحائط كل الأعراف والقوانين الدولية. إن اندفاع الآلاف نحو فتات المساعدات ليس مشهداً عابرًا، بل دليل دامغ على دخول قطاع غزة مرحلة المجاعة المنظمة، التي باتت تُدار بقرارات عسكرية وسياسية.
وفي ظل هذا الانهيار المتسارع، يبقى صمت المجتمع الدولي شريكًا في الجريمة، بينما تتحول المبادرات الإنسانية إلى أدوات تجميل لوجه الاحتلال القبيح.
إن فشل مشروع المساعدات الإسرائيلي يجب أن يدفع نحو فتح تحقيق دولي، ومساءلة الاحتلال عن استخدامه للمواد الإغاثية كوسيلة ضغط ضد المدنيين، لا سيما في ظل التوثيق المتكرر لانتهاكاته. فغزة اليوم لا تحتاج فقط إلى الغذاء، بل إلى عدالة توقف آلة القتل والتجويع وتعيد الكرامة لأهلها.










