طالبت النيابة العامة في باريس بسجن القيادي السابق في جماعة جيش الإسلام السورية، مجدي نعمة، المعروف باسم “إسلام علوش”، لمدة عشر سنوات، مع شرط قضائي يلزم بقضاء ثلثي العقوبة على الأقل خلف القضبان، وذلك بتهمة الانتماء إلى جماعة أنشئت للإعداد لارتكاب جرائم حرب، وهي تهمة نابعة من مبدأ الولاية القضائية العالمية المعمول به في فرنسا.
ويحاكم نعمة (37 عاما) منذ 29 أبريل/نيسان 2024 أمام محكمة الجنايات في باريس، في واحدة من أبرز المحاكمات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في سوريا. وكان قد أوقف في فرنسا عام 2020، ووجهت إليه حينها عدة تهم، من بينها تجنيد الأطفال، وهي تهمة تصل عقوبتها إلى 20 عاما من السجن، لكنها أسقطت مؤخرا من لائحة الاتهام، إلى جانب تهم أخرى، ليبقى الانتماء إلى مجموعة شاركت في التحضير لجرائم حرب هو المحور الأساسي للقضية.
خلفية القضية
يشتبه في أن إسلام علوش، الذي شغل منصب المتحدث الرسمي باسم جيش الإسلام، وهي جماعة مسلحة سلفية شاركت في النزاع السوري، ساهم بين عامي 2013 و2016، في دعم أو التواطؤ مع ممارسات ترتقي إلى جرائم حرب، بما في ذلك تجنيد الأطفال والمراهقين وتدريبهم على القتال، رغم نفيه المتواصل لهذه الاتهامات.
وفي جلسة المحكمة التي عقدت في 20 مايو/أيار، أدلى أحد الشهود بشهادة مدنية مؤثرة، وهو لاجئ سوري يبلغ من العمر 25 عاما، يعيش حاليا في فرنسا وكان يعمل صحفيا في الغوطة الشرقية عندما كانت تحت سيطرة جيش الإسلام، متحدثا عن الانتهاكات التي شهدها.
دفاع المتهم وتناقضات
في جلسة الإثنين، عرض أحد محامي الأطراف المدنية، مارك بيلي، مقطع فيديو يظهر عرضا عسكريا لجماعة جيش الإسلام، يظهر فيه عدد من الصبية الصغار ضمن التشكيلات. المتهم، مجدي نعمة، أقر بمعرفته بالفيديو لكنه قال:
“كان ذلك بعد استقالتي من جيش الإسلام… كنت أعمل على قضية ضد الجماعة في تركيا بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وهذا الفيديو كان من ضمن الأدلة”.
وأضاف أنه قضى عاما ونصف يعمل على هذا الملف، إلا أن السلطات التركية رفضت قبول الدعوى، ووصف نفسه بأنه “مبلغ عن الانتهاكات”.
لكن هذا التصريح قوبل بتشكيك من قبل الأطراف المدنية. فقد تساءل المحامي مارك بيلي، لماذا لم يشر نعمة إلى هذا الأمر عندما عرض مقطع فيديو سابق يظهر أطفالا يعملون في مصنع أسلحة تابع للمنظمة الأسبوع الماضي؟
أجاب نعمة:
“طرحت هذا السؤال عندما كنت لا أزال متحدثا باسم المنظمة، وقيل لي إن المصنع مدني ويتعاون مع جيش الإسلام بعقد رسمي”، زاعما أن الأطفال يعملون في المصنع كمؤسسة مستقلة، دون أن يجيب بشكل مباشر على تساؤل المحكمة.
محاكمة نادرة ومبدأ قانوني مهم
تعد محاكمة مجدي نعمة مثالا بارزا لتطبيق الولاية القضائية العالمية، حيث يمكن لمحاكم دولة ما محاكمة أفراد على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، حتى إن لم ترتكب تلك الجرائم داخل أراضيها أو ضد رعاياها.
وبحسب تقارير حقوقية، فإن هذه القضية تمثل سابقة قانونية مهمة، إذ أن نعمة يعد من أوائل كبار مسؤولي الفصائل السورية المعارضة الذين يحاكمون على خلفية الانتهاكات المرتكبة خلال النزاع.
الحكم المرتقب
من المتوقع أن تصدر المحكمة حكمها خلال الأسابيع المقبلة. وفي حال تمت إدانته، فستكون هذه واحدة من أبرز الإدانات القضائية الأوروبية المرتبطة بجرائم ارتكبت خلال الصراع السوري المستمر منذ 2011.










