يستعد البرلمان النرويجي لاتخاذ موقف حاسم برفض دعوات تقدم بها نشطاء لسحب استثمارات صندوق الثروة السيادية، الذي يُعد الأكبر في العالم بقيمة تقارب 1.8 تريليون دولار، من الشركات التي تمارس أنشطة تجارية في إسرائيل
ووفقًا لمصدر مطّلع على مناقشات لجنة المالية في البرلمان، فإن التوجه العام داخل اللجنة هو عدم فرض مقاطعة شاملة، مع التأكيد على أن استبعاد الشركات من محفظة الصندوق يجب أن يستند إلى إثبات وجود علاقة مباشرة بانتهاك القانون الدولي، لا مجرد العمل أو البيع في المناطق الخاضعة للاحتلال.
رد على حملات المقاطعة
ويأتي هذا القرار المنتظر في إطار رد مؤسساتي على حملة سحب الاستثمارات التي يقودها نشطاء ومنظمات حقوقية تدعو إلى معاملة الشركات المرتبطة بإسرائيل بالطريقة ذاتها التي تعاملت بها الحكومة النرويجية مع الشركات الروسية عقب غزو أوكرانيا عام 2022، حين طلبت الحكومة من الصندوق التخارج من أصوله الروسية في غضون أيام.
إلا أن اللجنة المالية ترى أن المقاطعة يجب أن تُطبّق بناءً على دلائل واضحة على الانتهاكات، وليس على أساس تواجد الشركات فقط. وصرّح مصدر في اللجنة أن بيع منتج عام في مناطق المستوطنات لا يعدّ مبررًا كافيًا لسحب الاستثمارات، ما لم يكن المنتج مصممًا خصيصًا لخدمة الاستيطان أو الانتهاكات.
مواقف متباينة… وتصويت قريب
القرار هو جزء من مراجعة سنوية يجريها البرلمان للسياسات التوجيهية التي تحكم عمل صندوق الثروة السيادية، ومن المتوقع أن تُعرض الخلاصات للتصويت في جلسة عامة بتاريخ 4 يونيو/حزيران المقبل. ويتوقع أن يصوت النواب وفقًا للخطوط الحزبية التي تحددها اللجنة المالية.
خلفية أخلاقية واستثمارية
ويُنظر إلى صندوق الثروة السيادية النرويجي على أنه نموذج عالمي في الاستثمار الأخلاقي، حيث يمتلك حصصًا في أكثر من 9000 شركة حول العالم ويُقدّر بأنه يملك حوالي 1.5% من الأسهم المدرجة عالميًا. كما أدرج الصندوق 11 شركة على القائمة السوداء بسبب تورطها المباشر في دعم الاحتلال الإسرائيلي، كان آخرها سلسلة محطات الوقود الإسرائيلية “باز”.
ومع تصاعد التوترات في غزة والضفة الغربية، يتزايد الضغط الشعبي والدولي على الحكومات والمؤسسات المالية لاتخاذ مواقف حازمة. إلا أن القرار النرويجي المرتقب يعكس توازنًا حذرًا بين المبادئ الأخلاقية والمصالح الاقتصادية والسياسية.
استمرار الحظر على شركات الأسلحة النووية
في السياق ذاته، قررت اللجنة الحفاظ على حظر استثمارات الصندوق في الشركات التي تصنع مكونات الأسلحة النووية، مثل “لوكهيد مارتن”، رغم نقاشات داخل البرلمان بشأن رفع هذا الحظر بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. لكن الأغلبية رأت أن مثل هذا القرار قد يُعقّد معايير الصندوق الأخلاقية.
وبذلك، يواصل البرلمان النرويجي المضي في نهج يُوازن بين الضغوط الحقوقية والضرورات الاستثمارية، فيما تترقّب الأوساط الاقتصادية والسياسية الدولية نتائج التصويت المقبل.










