سادت حالة من الغضب في أوساط المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي في مصر بعد إعلان وزارة الثقافة عن خطة لإغلاق عدد من البيوت الثقافية خلال الفترة المقبلة.
الخطوة التي تأتي ضمن ما وصفتها الوزارة بـ”إعادة الهيكلة” شملت قراراً بإغلاق 123 بيتاً ومكتبة ثقافية مؤجرة، مع إعادة توزيع العاملين بها على عدد من المواقع الثقافية الأخرى المنتشرة في المحافظات.
هذه البيوت والمكتبات تتبع الهيئة العامة لقصور الثقافة، التي أنشئت عام 1945 تحت اسم الجامعة الشعبية قبل أن يُعاد تسميتها في عام 1965 إلى هيئة الثقافة الجماهيرية، وهي الجهة المسؤولة عن تقديم الثقافة المجتمعية ورفع وعي الجمهور في المدن والقرى على حد سواء.
وزير الثقافة المصري أحمد فؤاد هنو قال إن بعض هذه البيوت لم تقم بالدور المنوط بها، مشيراً إلى أن بعضها مستأجر وفق قانون الإيجارات القديم، وهو ما يستلزم إخلاءها وتسليمها لملاكها خلال عامين.
وأضاف الوزير أن قرار الإغلاق يندرج ضمن خطة لإعادة هيكلة وزارة الثقافة المصرية، وذلك بهدف مواجهة التحديات التشغيلية والمالية المتراكمة، والتي تعوق تنفيذ خطة تطوير شامل لمنظومة قصور الثقافة والمكتبات الإقليمية.
وأوضح أنه تم تشكيل لجنة وزارية لدراسة الوضع، وخلصت إلى أن رفع كفاءة هذه المواقع يتطلب موارد ضخمة من الوقت والمال والجهد وهي غير متاحة حالياً.
من جانبه، أكد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة اللواء خالد اللبان أن الهيئة بدأت بالفعل عملية تقييم شاملة للمواقع الثقافية في جميع المحافظات.
مضيفاً أنه تم تشكيل لجان تفتيش ميدانية ستقوم بالكشف على تلك المواقع خلال الأيام المقبلة لتحديد الفعال منها للإبقاء عليه، في حين سيتم إغلاق البيوت والمكتبات التي لم تعد تقدم أي نشاط أو خدمة للجمهور.
في المقابل، قابل مثقفون وكتاب وممثلون عن نوادي المسرح القرار برفض واسع، واعتبروه انتهاكاً واضحاً للمادة 48 من الدستور المصري التي تنص على أن الثقافة حق مكفول لجميع المواطنين.
وأصدر عدد من المثقفين بياناً أدانوا فيه قرار وزارة الثقافة بغلق بيوت الثقافة في مصر، واصفين إياه بأنه محاولة لتفريغ الوزارة من مضمونها ودورها التنويري الحقيقي في خدمة المواطن المصري، خاصة في المحافظات والمناطق النائية.
الكاتبة وعضو لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب ضحى عاصي اعتبرت أن القرار يفتقد للدقة وأنه يضرب فكرة العدالة الثقافية في مقتل.
مشيرة إلى أن كثيراً من البيوت الثقافية المستأجرة تابعة لجهات حكومية، ويمكن تسوية أوضاعها بالتنسيق مع الجهات المالكة أو عبر رفع قيمة الإيجار. ودعت عاصي الوزارة إلى مراجعة خطتها قبل تنفيذها على الأرض.
الجدير بالذكر أن قصور الثقافة تمثل شرياناً مهماً في نشر الثقافة العامة في الأقاليم، حيث توفر معارض للكتاب وفعاليات مسرحية وموسيقية ودورات تدريبية وتعد من أبرز أدوات القوى الناعمة في مصر.
وبينما يرى المسؤولون أن خطة إعادة الهيكلة ضرورية لترشيد الإنفاق وتحقيق الكفاءة، يرى المثقفون أن القرار يمثل إضعافاً جديداً لدور الدولة في دعم الثقافة الشعبية وتكريس المركزية.









