كشفت صحيفة الغارديان البريطانية عن رسالة عاجلة وقعها أكثر من 800 خبير قانوني بريطاني، بما في ذلك قضاة سابقون في المحكمة العليا وأكاديميون بارزون، طالبوا فيها رئيس الوزراء كير ستارمر باتخاذ خطوات عملية فورية لفرض عقوبات شاملة على الحكومة الإسرائيلية ووقف ما وصفوه بالانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي في قطاع غزة.
تفاصيل الرسالة القانونية والمطالب المحددة
تضمنت رسالة 800 خبير قانوني التي أُرسلت إلى رئيس الوزراء البريطاني مطالب محددة وعاجلة، حيث أكد الموقعون أن “جميع الدول، بما فيها المملكة المتحدة، ملزمة قانونياً باتخاذ كل الإجراءات الممكنة لمنع وقوع إبادة جماعية في غزة”. وشددت الرسالة على ضرورة استخدام الحكومة البريطانية لكل الوسائل المتاحة لضمان “وقف فوري، غير مشروط ودائم لإطلاق النار” في القطاع.
القضاة والخبراء الموقعون على الرسالة
تضمنت قائمة الموقعين شخصيات قانونية بارزة، منهم اللورد سامبشن واللورد ولسون، وهما قاضيان سابقان في المحكمة العليا البريطانية. كما شملت الرسالة أكثر من 70 محامياً كبيراً وقضاة في محكمة الاستئناف.
السياق القانوني والالتزامات الدولية
استندت الرسالة إلى الأسس القانونية الدولية، خاصة اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948، مؤكدة أن بريطانيا ملزمة قانونياً باتخاذ كل الخطوات المعقولة ضمن سلطتها لمنع ومعاقبة الإبادة الجماعية. وأشار الموقعون إلى أن “فشل المجتمع الدولي في دعم القانون الدولي فيما يتعلق بالأراضي الفلسطينية المحتلة يساهم في تدهور المناخ الدولي من الفوضى والإفلات من العقاب”.
التطورات السابقة والضغوط المتزايدة
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يطالب فيها خبراء قانونيون بريطانيون بتغيير السياسة تجاه إسرائيل. في أبريل 2024، وقع أكثر من 600 خبير قانوني، بما في ذلك ثلاثة قضاة في المحكمة العليا، على رسالة مماثلة تحذر من أن استمرار توريد الأسلحة لإسرائيل يعرض بريطانيا لخطر التواطؤ في انتهاكات القانون الدولي.
الاستجابة الحكومية والضغوط السياسية
جاءت الرسالة الأخيرة في أعقاب بيان مشترك غير مسبوق من قادة بريطانيا وفرنسا وكندا، والذي هدد بـ”اتخاذ إجراءات ملموسة إضافية” ضد إسرائيل إذا لم توقف عملياتها العسكرية في غزة ولم ترفع القيود على المساعدات الإنسانية. وقد وصف البيان العمليات العسكرية الإسرائيلية الموسعة في غزة بأنها “غير متناسبة تماماً”.
المطالب بالشفافية والمساءلة
دعا أكثر من 60 برلمانياً من عدة أحزاب في رسالة مفتوحة إلى ستارمر مطالبين بـ”الإفراج الفوري عن تقييمات الحكومة البريطانية حول خطر الإبادة الجماعية في غزة”. وقد كشف الأسبوع الماضي أثناء مراجعة قضائية لقرار بريطانيا بمواصلة تصدير قطع طائرات إف-35 لإسرائيل أن بريطانيا قيمت العام الماضي أنه “لا يوجد خطر جدي” لحدوث إبادة جماعية في غزة.
الوضع الإنساني والأرقام الصادمة
أشارت المصادر الطبية الفلسطينية إلى أن العدوان الإسرائيلي قتل 53,939 فلسطينياً وأصاب 122,797 آخرين منذ 7 أكتوبر 2023، معظمهم من النساء والأطفال. وقد وصفت منظمات إنسانية دولية الوضع في غزة بأنه “كارثة إنسانية لا تطاق” مع تحذيرات من مجاعة وشيكة تهدد أكثر من مليوني شخص.
تأثيرات إقليمية ودولية
لا تقتصر تداعيات هذه القضية على الساحة البريطانية فحسب، بل تمتد لتشمل ضغوطاً دولية متزايدة على إسرائيل. فقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في نوفمبر 2024 مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب.
التحديات والآفاق المستقبلية
تواجه الحكومة البريطانية تحدياً كبيراً في التوازن بين التزاماتها القانونية الدولية وعلاقاتها الاستراتيجية التقليدية مع إسرائيل. فمن جهة، تتزايد الضغوط القانونية والأخلاقية للاستجابة لمطالب الخبراء القانونيين ومنظمات حقوق الإنسان، ومن جهة أخرى، تسعى لتجنب أي خطوات قد تؤثر سلباً على العلاقات الثنائية أو التحالفات الدولية.
دور المجتمع المدني والرأي العام
تلعب منظمات المجتمع المدني والحملات الشعبية دوراً متزايد الأهمية في الضغط على الحكومة البريطانية لتغيير سياساتها. فقد شهدت المدن البريطانية تظاهرات أسبوعية منتظمة مطالبة بوقف إطلاق النار في غزة ومراجعة العلاقات مع إسرائيل.










