شهدت العاصمة السورية دمشق تطوراً دبلوماسياً مهماً بإغلاق السلطات السورية رسمياً لمقرات جبهة البوليساريو الانفصالية، في خطوة تعكس تحولاً جذرياً في الموقف السوري من قضية الصحراء المغربية.
كشفت مصادر سورية لموقع المنشر الاخباري أن دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات، لعبت دوراً كبيراً في الضغط على السلطات السورية لاتخاذ هذا القرار، الذي جاء بالتزامن مع التحضيرات لإعادة فتح السفارة المغربية في دمشق بعد إغلاق دام أكثر من عقد.
من الأسد إلى الشرع
كانت سوريا تحت حكم بشار الأسد من الداعمين التاريخيين لجبهة البوليساريو، حيث وفرت لها مقرات رسمية في العاصمة دمشق واعترفت بما تسمى “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”.
هذا الموقف جاء ضمن إطار التحالف مع الجزائر، الحليف الرئيسي لجبهة البوليساريو، والتماهي مع محور “الممانعة” الذي كان يقف ضد المغرب في ملف الصحراء.
تشكل جبهة البوليساريو حركة انفصالية أعلنت قيام ما تسميه “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” في عام 1976، وتسيطر على نسبة تتراوح بين 20% إلى 25% من الإقليم المتنازع عليه، بينما تدير الحكومة المغربية المنطقة المتبقية وتعتبرها جزءاً لا يتجزأ من أراضيها.
دور السعودية والإمارات في التحول السوري
أوضحت مصادر دبلوماسية أن السعودية والإمارات مارستا ضغوطاً متزايدة على السلطات السورية الجديدة لإعادة النظر في موقفها من قضية الصحراء المغربية.
هذه الضغوط تأتي في إطار استراتيجية خليجية أوسع لإعادة تشكيل التحالفات الإقليمية بما يخدم المصالح الخليجية والاستقرار الإقليمي.
كان للمملكة العربية السعودية دور بارز في دعم سوريا الجديدة، حيث أعلنت مع قطر في أبريل 2025 عن سداد ديون سوريا لدى البنك الدولي البالغة 15 مليون دولار، مما يتيح لسوريا الحصول على التمويل الدولي مجدداً.
هذا الدعم المالي جاء مقروناً بتوقعات سياسية واضحة، من بينها إعادة النظر في الملفات الإقليمية الحساسة.
التأكيد الرسمي للإغلاق
جرى تأكيد قرار السلطات السورية خلال زيارة البعثة التقنية المغربية المكلفة بالتحضير لإعادة فتح سفارة المملكة المغربية بدمشق.
وانتقلت بعثة مشتركة تضم مسؤولين مغاربة ومسؤولين سوريين كباراً إلى عين المكان لمعاينة الإغلاق الفعلي لمكتب البوليساريو في دمشق.
وأوضحت وكالة المغرب العربي للأنباء أن السلطات السورية “جددت من خلال هذه الخطوة، تأكيد التزامها باحترام السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة، رافضة أي شكل من أشكال الدعم للكيانات الانفصالية”.
كما أكدت أن هذه الخطوة “تعكس الإرادة الراسخة لدى سوريا لتقوية تعاونها الثنائي مع المغرب وتعزيز الاستقرار الإقليمي”.
إعادة فتح السفارة المغربية
يترافق إغلاق مقرات البوليساريو مع خطوات ملموسة لتطبيع العلاقات المغربية السورية، حيث أعلن الملك محمد السادس في خطابه خلال القمة العربية الرابعة والثلاثين في بغداد بتاريخ 17 مايو قرار إعادة فتح سفارة المملكة المغربية بدمشق، المغلقة منذ 2015.
باشرت البعثة التقنية المغربية محادثات مع مسؤولين كبار في وزارة الخارجية السورية، تناولت الجوانب اللوجستية والقانونية والدبلوماسية المرتبطة بعملية إعادة فتح السفارة. هذه المحادثات تندرج في إطار تفعيل التعليمات الملكية الرامية إلى إحياء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.










