في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تواجهها مصر، يبرز قانون الإيجار القديم 2025 كمحور خلاف وجدل شعبي واسع.
وفي المؤتمر الصحفي الأسبوعي، أكد رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي أن تعديلات القانون تأتي بتوجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، بهدف تحقيق التوازن بين حقوق المستأجرين في مصر والمالكين.

لكن الواقع يختلف، إذ يعبر الشارع عن غضب وسخط متزايدين تجاه تعديلات قد تزيد معاناة الفئات الضعيفة، وتغذي الاحتقان الشعبي وسط ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية.
في المؤتمر الصحفي الأخير، أكد مصطفى مدبولي أن تعديلات قانون الإيجار القديم 2025 ستركز على مراعاة حقوق الفئات المختلفة لضمان العدالة الاجتماعية، وتنشيط سوق العقارات بما يخدم التنمية الاقتصادية.

لكن موجة الاحتجاجات والانتقادات الشعبية على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الشوارع تؤكد أن كثيرين يرون أن هذه التعديلات لا تراعي الأزمة الاقتصادية الحالية، وتعتبر محاولة للهاء الشارع عن سياسات الحكومة الاقتصادية.
احتجاجات ومظاهرات في عدة محافظات مثل القاهرة، الإسكندرية، والمنيا ضد رفع الإيجارات أو تسريع إخلاء المستأجرين.

آلاف التغريدات والبوستات تعبر عن قلق المستأجرين من فقدان مساكنهم وسط غلاء المعيشة. منظمات حقوقية تطالب بإشراك المجتمع المدني في صياغة التعديلات لضمان حماية الفئات الأضعف.
من قلب الشارع قالت سعاد ربة منزل بشبرا: “أي زيادة في الإيجار هتخلينا نعيش في الشارع، الحكومة لازم تفكر في اللي بنعيشه مش مصالح الملاك.” وذكر محمد موظف حكومي بالمعادي: “التعديلات دي هتضر الناس الفقيرة، الأسعار زادت والغلاء خنقنا.”

وأشار محامي حقوق الإنسان بالقاهرة إلى ضرورة إشراك مؤسسات المجتمع المدني لضمان حماية الفئات الضعيفة، بينما أكد خبير اقتصادي أن تعديل القانون يجب أن يكون تدريجيًا مع دعم حكومي مباشر.
حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وصل معدل التضخم في مصر خلال 2024 إلى 32.7%، ونسبة السكان تحت خط الفقر تقدر بحوالي 27.5% حسب البنك الدولي 2024.

يبلغ عدد الأسر المستأجرة بعقود قديمة نحو 4.5 مليون وفق وزارة الإسكان، ومتوسط زيادة الإيجار السنوية في بعض المناطق بين 15-20%.
د. أحمد عبد الرحمن أستاذ الاقتصاد قال إن تعديل قانون الإيجار القديم يجب أن يصاحبه دعم مباشر للمستأجرين، فيما أكدت مروة السيد خبيرة سياسات الإسكان أن تطوير الإسكان الاجتماعي أولوية قبل رفع الإيجارات.

أكد البنك الدولي ضرورة إصلاح تدريجي مع دعم مادي مباشر للأسر الأكثر ضعفًا، بينما شدد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) على أهمية إشراك المجتمع المدني في التشريعات العقارية.
دوليًا، تعتمد ألمانيا نظام تعديل إيجار مرن حسب التضخم مع حماية اجتماعية للمستأجرين، بينما توفر فرنسا رقابة صارمة ودعم مباشر للسكان ذوي الدخل المنخفض، وتدمج البرازيل قوانين حماية المستأجرين مع برامج الإسكان الاجتماعي.

تعديلات قانون الإيجار القديم يجب أن تكون جزءًا من استراتيجية متكاملة تشمل:
- دعم مباشر للمستأجرين الأكثر ضعفًا لتخفيف الأعباء المالية.
- تطوير الإسكان الاجتماعي كبديل مستدام.
- خلق بيئة استثمارية متوازنة تحمي حقوق جميع الأطراف.
- تجنب زيادة الاحتقان الاجتماعي ونزوح الفئات الفقيرة.
هذه السياسات تعد أساسية للحفاظ على التنمية المستدامة في مصر وتعزيز السياسات العقارية المصرية بما يخدم استقرار المجتمع ويحقق العدالة الاجتماعية.

تعديلات قانون الإيجار القديم 2025 تمثل منعطفًا هامًا في ملف السكن في مصر، يتطلب تضافر جهود الحكومة والمجتمع المدني لضمان نجاحه.
الحلول الشاملة والمتوازنة مع مشاركة المجتمع المدني والشفافية هي المفتاح لتفادي أزمة سكن جديدة تؤثر على استقرار البلاد وتنميتها.










