ثورة سائقي الشاحنات في إيران: الإضراب الوطني يصل لليوم التاسع في 141 مدينة
تشهد إيران تصعيدًا غير مسبوق في الاحتجاجات العمالية مع استمرار الإضراب الوطني لسائقي الشاحنات لليوم التاسع على التوالي، حيث امتدت الحركة إلى 141 مدينة عبر 30 محافظة. هذا التحرك يأتي ردًا على تدهور الظروف المعيشية وارتفاع تكاليف التشغيل بنسبة 180% منذ 2023، وسط مواجهات عنيفة مع قوات الأمن ووعود حكومية لم تُترجم إلى حلول ملموسة.
امتداد جغرافي وتضامن شعبي غير مسبوق
من بندر عباس إلى طهران: شرارة التمرد الاقتصادي
انطلقت شرارة الإضراب من مدينة بندر عباس الساحلية في 19 مايو/أيار، احتجاجًا على زيادة أسعار الوقود بنسبة 40% وارتفاع أقساط التأمين إلى 300%. بحلول 29 مايو، شلت الاحتجاجات طرقًا حيوية مثل محور بندر عباس-شيراز، حيث انخفضت حركة الشاحنات بنسبة 90% في المناطق الصناعية بأصفهان وكرمانشاه.
تحالفات جديدة: من سائقي التاكسي إلى عمال النفط
شهد اليوم الثامن تحولًا نوعيًا بانضمام سائقي سيارات الأجرة في طهران وتبريز، حيث ألغى 40% منهم رحلاتهم تضامنًا. في مشهد، نظم عمال مصفاة النفط وقفات دعم، بينما أعلن اتحاد المعلمين عن إضراب تحذيري، مما ينذر بتحول الاحتجاجات إلى حركة شعبية عارمة.
جذور الأزمة: سياسات فاشلة وفساد ممنهج
انهيار الليرة وارتفاع تكاليف التشغيل
تكشف وثائق مسربة من وزارة النقل عن ارتفاع تكاليف تشغيل الشاحنات بنسبة 180% منذ 2023، بينما ظلت الأجور ثابتة. يُقدّر اتحاد النقل غير الرسمي أن 65% من السائقين يعيشون تحت خط الفقر، مع ديون فردية تصل إلى 40 ألف دولار.
شبكات التهريب وانهيار سلسلة التوريد
أدت سياسات دعم الوقود إلى نشوء اقتصاد ظلّي ضخم، حيث يُهرب 30% من الديزل المدعوم إلى السوق السوداء، مُسببًا خسائر سنوية تُقدَّر بـ820 مليون دولار. هذه الأزمة تفاقمت مع انهيار سلسلة التوريد، حيث ارتفعت أسعار الدقيق 25% في أصفهان، ووصلت نسبة الفراغ في مستودعات الأدوية إلى 40% بخوزستان.
الرد الحكومي: بين القمع والوعود الوهمية
اعتقالات واسعة واستهداف القيادات النقابية
أعلن الحرس الثوري عن اعتقال 120 سائقًا خلال مداهمات ليلية، بينما هدد مدعي عام فارس بمصادرة الشاحنات إلكترونيًا عبر تعطيل البطاقات الذكية للوقود. في دورود، تعرض السائق شهاب دارابي للتعذيب أمام عائلته قبل اختفائه قسريًا.
حملة إعلامية لتشويه المضربين
شنّت قناة “تسنيم” الرسمية هجومًا على السائقين باتهامهم بالعمالة لدول أجنبية، بينما وعد وزير النقل بتخفيض أسعار الوقود بنسبة 15% بحلول يونيو – وصفه الخبراء بـ”مسكّن مؤقت”.
تداعيات اقتصادية: ناقوس خطر للاقتصاد الوطني
شلل بنسبة 90% في نقل البضائع
حذّر البنك المركزي من تراجع النمو الاقتصادي بنقطة مئوية كاملة إذا استمر الإضراب أسبوعًا إضافيًا، حيث يعتمد 90% من النقل التجاري على الشاحنات. في ميناء الإمام الخميني، توقف 70% من صادرات النفط، بينما أُغلقت محطات شحن كاملة في سيرجان وشهر بابك.
تأثيرات على المشاريع الإقليمية الكبرى
يهدد الشلل اللوجستي مشروع الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني، حيث تعتمد طهران على عوائد транزيت البضائع عبر أراضيها. مصادر دبلوماسية أوروبية تشير إلى تأجيل محادثات فيينا النووية بسبب التوترات الداخلية.
ردود فعل دولية: من التضامن إلى العقوبات
إدانات حقوقية ودعوات للتحقيق
نددت منظمة العفو الدولية بانتهاكات حقوق الإنسان، بينما يدرس الكونغرس الأمريكي فرض عقوبات على مسؤولي الأمن المتورطين في القمع.
تضامن عمالي عالمي
أعلن اتحاد سائقي الشاحنات الأمريكي – الذي يضم 1.4 مليون عضو – تضامنه مع المضربين، داعيًا إلى الاعتراف بحقوقهم النقابية وفق المعايير الدولية.
المستقبل: بين تصعيد الاحتجاجات وانهيار الاقتصاد
رغم المحاولات الحكومية لكسر الإضراب عبر خليط من القمع والوعود، تشير تحليلات الخبراء إلى توجه الحركة نحو التصعيد. صمود السائقين وتنامي التحالفات مع قطاعات عمالية أخرى يُنذر بتحول الاحتجاجات إلى انتفاضة شاملة تطالب بإصلاحات هيكلية. مع استمرار الأزمة، يُتوقع شلل كامل في شبكة النقل خلال أسبوعين، مما قد يُعيد إيران إلى سيناريوهات “أزمات الخبز” التي شهدتها تسعينيات القرن الماضي.










