العنف في بلوشستان: اشتباكات كيرغان والتدخل العسكري الإيراني
شهدت منطقة كيرغان في محافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية تصعيداً عسكرياً غير مسبوق يوم 29 مايو 2025، حيث نفذت القوات الإيرانية عملية أمنية واسعة أسفرت عن اعتقالات جماعية وإصابات مدنية. تندرج هذه الأحداث ضمن سياق أوسع من التوترات المزمنة في الإقليم، الذي يشهد صراعاً متعدد الأوجه بين السلطات الإيرانية والجماعات المسلحة والسكان المدنيين.
الصراع في بلوشستان
جذور الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية
تُعد بلوشستان واحدة من أفقر المحافظات الإيرانية رغم ثرواتها الطبيعية، حيث يعاني السكان من تهميش منهجي في مجالات التنمية والتمثيل السياسي. تشير تقارير إلى أن 70% من سكان المناطق الحدودية يعتمدون على اقتصاد الظلال، بما في ذلك تهريب الوقود، كمصدر رئيسي للدخل.
الدور الجيوسياسي للإقليم
تكتسب بلوشستان أهمية استراتيجية بسبب موقعها الحدودي مع باكستان وأفغانستان، مما يجعلها مسرحاً للتنافسات الإقليمية. تُقدّر قيمة الوقود المهرب عبر حدودها السنوية بأكثر من مليار دولار، وهو ما يُفسر التركيز الأمني المكثف على المنطقة.
أحداث كيرغان: تفاصيل العملية العسكرية
نطاق التحركات الأمنية
شملت الحملة العسكرية إرسال أكثر من 200 مركبة عسكرية من ميناب إلى كيرغان، حيث قامت الوحدات الخاصة بإغلاق الطرق الرئيسية واقتحام المنازل. أسفرت العملية عن:
- اعتقال 40 مواطناً على الأقل
- إصابة 15 مدنياً بطلقات خرطوش (شوزن)
- تدمير ممتلكات خاصة ومصادرة مركبات
ردود الفعل المحلية
قاوم السكان المحليون عبر إشعال الإطارات وإقامة حواجز طرق، مما أدى إلى مواجهات عنيفة مع القوات. أفادت مصادر محلية بأن المعتقلين تعرضوا لظروف احتجاز قاسية، مع تقارير عن إصابات ناجمة عن الاعتداءات الجسدية.
السياسات الأمنية الإيرانية: بين مكافحة التهريب وقمع الحريات
ذرائع العمليات العسكرية
تبرر السلطات الإيرانية تدخلاتها الأمنية بمكافحة تهريب الوقود، حيث تُقدّر الكميات المهربة عبر كيرغان وحدها بـ10 ملايين لتر شهرياً. لكن المراقبين يشيرون إلى استخدام هذه الذريعة لتبرير القمع السياسي.
أنماط العنف الممنهج
كشف تقرير “حال وش” الحقوقي عن نمط متكرر في العمليات الأمنية يشمل:
- استخدام مفرط للقوة ضد المدنيين
- اعتقالات تعسفية بدون مذكرات قضائية
- تدمير متعمد للممتلكات الخاصة
التداعيات الإقليمية والدولية
تأثيرات على العلاقات مع باكستان
أدت عمليات التهريب عبر الحدود إلى توترات متكررة مع إسلام آباد، حيث تتهم الدولتان بعضهما بدعم الجماعات المسلحة. يعكس الهجوم الأخير استمرار فشل آليات التعاون الأمني الثنائي.
ردود الفعل الدولية
نددت منظمات حقوقية دولية بالعمليات العسكرية في كيرغان، مشيرة إلى انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف. تُظهر وثائق مسربة أن الخسائر الضريبية الناجمة عن التهريب تصل إلى 820 مليون دولار سنوياً، مما يزيد الضغوط على إيران لإيجاد حلول غير عسكرية.
المستقبل السياسي للإقليم
تشير تحليلات الخبراء إلى أن الأساليب الأمنية وحدها فشلت في معالجة الأسباب الجذرية للصراع، مع تزايد مؤشرات التحالف بين الجماعات المسلحة والسكان المحليين. يتطلب الحل الدائم إعادة هيكلة جذرية للسياسات الاقتصادية والاجتماعية في الإقليم.










