في خطوة تحمل دلالات سياسية وفكرية لافتة، أعلنت وزارة الخارجية السورية عن تعيين رزان صفور مستشارة للإعلام والاتصال، ضمن عملية إعادة هيكلة شاملة يشهدها مكتب وزير الخارجية في حكومة الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع.
ولادة بريطانية وجذور سورية
رزان صفور، المعروفة إعلاميا أيضا بـ”رزان سفور”، ولدت في مدينة حمص لعائلة سورية مهجرة في ثمانينات القرن الماضي، لكنها نشأت وتعلمت في المملكة المتحدة، وتحمل الجنسية البريطانية.
ونالت صفور درجة الماجستير في التاريخ من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية (SOAS) التابعة لجامعة لندن، واحدة من أبرز المؤسسات الأكاديمية المتخصصة في قضايا الشرق الأوسط.
وتتقن صفور عدة لغات، أبرزها الإنجليزية والتركية، ما مكنها من التواصل مع العديد من المنصات الإعلامية والمؤسسات الدولية المهتمة بالشأن السوري.
حضور مثير في زيارة رسمية
لفتت الأنظار خلال زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى السعودية في فبراير الماضي، حيث كانت واحدة من أبرز الوجوه النسائية في الوفد الرسمي، في أول تحرك دبلوماسي رفيع للشرع خارج البلاد منذ توليه منصبه بعد إطاحة نظام بشار الأسد أواخر العام الماضي.
الخلفية الفكرية والحقوقية
رزان صفور تنتمي إلى مدرسة فكرية قريبة من جماعة الإخوان المسلمين، وتتبنى خطابا إعلاميا مساندا لثورات الربيع العربي، مع موقف واضح معارض للنظام المصري منذ سقوط الإخوان عام 2013.
وعملت في اللجنة السورية لحقوق الإنسان، ونشطت عبر كتابات في وسائل إعلام محسوبة على تيار الإسلام السياسي، مثل “العربي الجديد” و“ميدل إيست آي”، وهما منصتان إعلاميتان مقربتان من الدوحة.
دلالات التعيين
ينظر إلى تعيين صفور على أنه خطوة مفاجئة في توجهات الدبلوماسية السورية الجديدة، التي يبدو أنها تسعى لفتح قنوات تواصل جديدة مع العالم، بالاستعانة بشخصيات ذات حضور دولي ونشاط إعلامي مؤثر.
رزان صفور لطالما عبرت عن تأييدها لثورات “الربيع العربي”، ورأت فيها – كما كتبت في مقال شهير لها بعنوان “هل فشل الربيع العربي فعلا؟” – أنها تحولات وعي لا يمكن التراجع عنها، رافضة تصنيفها كحركات فاشلة.
و كما دافعت عن تشكيلات شبابية إخوانية في مصر مثل “ألتراس نهضاوي”، ووصفتها بنماذج المقاومة الديمقراطية، وهو موقف نادر في الأوساط الرسمية السورية التي طالما اعتبرت الإخوان جماعة إرهابية تهدد استقرار الدولة.
كما اتهمت النظام المصري بـ”إجهاض الديمقراطية”، وهاجمت ما اعتبرته عودة إلى الحكم الاستبدادي بعد الإطاحة بحكم محمد مرسي.
تعيين صفور، على الرغم من خلفيتها البريطانية وثقافتها الغربية، يفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة، هل تمهد دمشق لمرحلة “احتواء ناعم” لبعض رموز المعارضة التاريخية؟
وهل هذا جزء من إعادة تموضع سياسي في ظل المتغيرات الإقليمية بعد التسوية في غزة والانفتاح العربي نحو دمشق؟ أم أن تعيينها خطوة تكتيكية لتحسين صورة النظام خارجيا، خاصة في الأوساط الغربية والمنظمات الحقوقية والإعلامية؟
ويرى بعض المراقبين أن تعيين رزان صفور لا يعني بالضرورة تقاربا مع جماعة الإخوان، بل محاولة لاستخدام أصوات “مقبولة غربيا” لتحسين صورة دمشق، دون أن تكون هذه الأسماء ذات تأثير فعلي على التوجهات الاستراتيجية للنظام.
بينما يرى آخرون أنها قد تكون بداية لانفتاح مدروس تجاه تيارات المعارضة الإسلامية المعتدلة، في إطار ما يعرف بـ”المصالحة الباردة” التي تنتهجها بعض الأنظمة في مرحلة ما بعد الربيع العربي.
وفي ظل متغيرات إقليمية ودولية معقدة، يعكس تعيين رزان صفور تحولا جذريا في بنية الدولة السورية بعد الثورة الثانية، وربما محاولة لإعادة تعريف صورة سوريا في الخارج، من خلال وجوه نسائية شابة ذات خلفية غربية ومواقف فكرية مثيرة للجدل.










