شهدت منصات التواصل الاجتماعي الأردنية موجة غضب عارمة بعد إقامة حفل موسيقي دولي ضمن فعاليات مهرجان “مدينا” في مدينتي البترا الأثرية ووادي رم، وسط اتهامات لجهات رسمية بالسماح بإقامة فعالية لا تعكس “الهوية الثقافية الأردنية”، ولا تراعي قدسية ورمزية المكانين الأثريين.
المهرجان الذي ينظم سنويا في دولة مختلفة حول العالم، أقيم هذا العام لأول مرة في الأردن، بعد أن كانت نسخته الأخيرة في آيسلندا. وقد شارك في الحدث نحو 2000 شخص من جنسيات متعددة، اجتمعوا في البترا ووادي رم تحت عنوان “فعالية ثقافية وفنية عالمية”، وفق ما وصفه المنظمون.
انتقادات واسعة وغضب شعبي
ورغم أن الحفل روج له كمبادرة لتعزيز السياحة الثقافية، إلا أن العديد من المواطنين والناشطين الأردنيين وصفوه بأنه “تعد صريح على القيم والتقاليد الوطنية”، متسائلين عن الجهات الرسمية التي منحت التصاريح لإقامة نشاط اعتبروه “مخالفا لهوية الأردن الثقافية ومسيئا لقيمة البترا التاريخية”.
وأثارت صور ومقاطع فيديو تم تداولها من الحفل، تظهر مشاهد للرقص والموسيقى الإلكترونية في محيط الموقع الأثري، حالة من الصدمة بين الجمهور الأردني، الذين طالبوا عبر وسم #البتراليستملهى بفتح تحقيق رسمي فوري، ومحاسبة المسؤولين عن السماح بإقامة هذه الفعالية في أماكن مصنفة عالميا كمواقع تراث إنساني.
صمت رسمي
حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تصدر أي تصريحات رسمية عن وزارة السياحة والآثار أو سلطة إقليم البترا التنموي السياحي، الأمر الذي زاد من حدة الانتقادات، وفتح المجال أمام التكهنات حول وجود “تقصير أو تغاض” من بعض الجهات الرقابية، وفق تعبير المعلقين على الحدث.
بين الثقافة العالمية والهوية المحلية
وفيما يرى البعض أن إقامة مهرجانات فنية عالمية قد تسهم في الترويج السياحي وتحريك الاقتصاد المحلي، يرى آخرون أن أي نشاط ينظم في مواقع ذات طابع ديني أو حضاري أو تاريخي يجب أن يخضع لمعايير صارمة تضمن احترام الإرث الثقافي وعدم المساس بمكانته الرمزية.
دعوات لمراجعة السياسات السياحية
الحادثة أعادت فتح النقاش حول مدى توازن الأردن في سياساته السياحية بين الانفتاح على العالم والحفاظ على الهوية الوطنية. وطالب ناشطون بوضع ضوابط واضحة على استخدام المواقع الأثرية في الفعاليات العامة، والتأكيد على أن “البترا ليست موقعا للترفيه العشوائي، بل رمز للهوية الأردنية والتاريخ العربي”.
ويترقب الرأي العام الأردني بيانا رسميا يوضح موقف الحكومة والجهات المختصة من الجدل القائم، وسط تصاعد المطالب بفتح تحقيق شامل في حيثيات منح التصاريح، وظروف إقامة المهرجان في هذا التوقيت والمكان الحساس.










