قال الرئيس الجديد لأرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله “عرو”، إن الإقليم المنفصل عن الصومال “أقرب من أي وقت مضى” إلى نيل الاعتراف الدولي، مشيرا إلى محادثات متقدمة مع إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد تفضي إلى اعتراف رسمي.
وأوضح في مقابلة أجرتها معه الجارديان في القصر الرئاسي بالعاصمة هرجيسا أن الاعتراف “ليس مسألة إذا، بل متى”، مضيفا أن “الاعتراف يلوح في الأفق”.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه منطقة القرن الأفريقي توترات متصاعدة، ما يجعل أي خطوة نحو الاعتراف بأرض الصومال محفوفة بعواقب إقليمية ودولية.
مشروع استراتيجي في بربرة
بحسب مصادر مقربة من إدارة ترامب، فإن الاعتراف المحتمل يأتي في إطار صفقة جيوسياسية تتضمن إقامة قاعدة عسكرية أمريكية بالقرب من ميناء بربرة المطل على خليج عدن، في مواجهة النفوذ الصيني المتزايد في جيبوتي المجاورة، حيث توجد قاعدة عسكرية صينية قريبة من معسكر ليمونييه الأمريكي.
ويتضمن ما يعرف بـ”مشروع 2025″، وهو مخطط للولاية الثانية المفترضة لترامب، بندا يقترح الاعتراف بأرض الصومال كتحوط استراتيجي ضد فقدان النفوذ الأمريكي في المنطقة.
وأكد عبد الله أن وفودا عسكرية أمريكية رفيعة المستوى زارت هرجيسا مؤخرا، ومن المقرر إرسال وفد تقني لتقييم الموقع الاستراتيجي في بربرة.
تداعيات الاعتراف: زلزال جيوسياسي محتمل
الاعتراف بأرض الصومال، التي انفصلت فعليا عن الصومال منذ عام 1991، لم يتم من أي دولة حتى الآن، رغم استقرار الإقليم نسبيا وتنظيمه لانتخابات ديمقراطية منتظمة.
لكن هذه الخطوة قد تشعل أزمة دبلوماسية حادة، خاصة مع الحكومة الصومالية في مقديشو التي تعتبر أرض الصومال جزءا من أراضيها. كما قد تثير هذه السابقة حركات انفصالية في أنحاء القارة الإفريقية، مما يزيد من تعقيد المشهد الجيوسياسي.
مصالح إقليمية
التحركات الأخيرة تأتي أيضا في ظل اتفاق مبدئي بين أرض الصومال وإثيوبيا يقضي بتطوير ميناء بربرة مقابل اعتراف أديس أبابا بالإقليم، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة من الصومال وحلفائها، وعلى رأسهم مصر، التي ترى في تعزيز نفوذ إثيوبيا تهديدا مباشرا بسبب الخلاف حول سد النهضة.
من جهتها، استثمرت الإمارات العربية المتحدة، الحليف الوثيق لترامب، أكثر من 442 مليون دولار في تطوير الميناء والبنية التحتية المحيطة به، وهو ما يضيف بعدا اقتصاديا لتحرك محتمل نحو الاعتراف.
لاجئون فلسطينيون في الواجهة
وفي خضم الجدل السياسي، برزت قضية اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة كعامل غير متوقع. فوفقا لتقارير، طرحت فكرة إعادة توطين لاجئين فلسطينيين في أرض الصومال ضمن رؤية أمريكية–إسرائيلية لإعادة تشكيل غزة.
ورغم نفي عبد الله وجود محادثات رسمية مع أي طرف بخصوص هذه الخطة، أكد أن بلاده ترحب باللاجئين الفلسطينيين “كأشقاء”، مشيرا إلى وجود عائلات فلسطينية في هرجيسا منذ أوائل 2000.
وفي تصريح لمسؤول ملف اللاجئين في الإقليم، قال إن أرض الصومال استقبلت أكثر من 23 ألف لاجئ من جنسيات متعددة، من بينهم نحو 2,000 سوري، وأكثر من 300 عائلة سودانية فرت من الحرب الأهلية.
مستقبل مفتوح… وتحولات مرتقبة
ورغم تأكيد وزارة الخارجية الأمريكية التزامها بسياسة “الصومال الواحد”، فإن مصادر داخل إدارة ترامب السابقة تؤكد أن واشنطن قد تراجع موقفها في أي لحظة، خاصة إذا تلاشى نفوذ الحكومة المركزية في مقديشو، أو استمرت التهديدات الأمنية من حركة الشباب.
ويختتم عبد الله تصريحه لـالجارديان قائلا: “لقد صمدنا لأكثر من ثلاثة عقود. اليوم نقترب من اللحظة الحاسمة… الاعتراف لم يعد بعيدا.”










