في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية، أقرت الحكومة المصرية نسخة جديدة من برنامج دعم المساندة التصديرية، وسط انتقادات متزايدة من مجتمع المصدرين بشأن فعالية البرنامج وقدرته على تحقيق الأهداف المعلنة. فعلى الرغم من إعلان الحكومة رفع مخصصات البرنامج إلى 44.5 مليار جنيه في العام المالي 2025-2026، إلا أن العديد من الخبراء والمصدرين يرون أن التعديلات الأخيرة لا تواكب التحديات الحقيقية التي تواجه قطاع التصدير، بل قد تزيد من أعبائه وتضعف تنافسيته في الأسواق العالمية.
المساندة التصديرية، أو ما يُعرف رسميًا ببرنامج “رد الأعباء التصديرية”، هو نظام دعم حكومي يهدف إلى مساعدة الشركات المصرية التي تقوم بتصدير منتجاتها إلى الخارج. تقوم فكرة البرنامج على تعويض المصدرين عن جزء من التكاليف الإضافية التي يتحملونها داخل مصر، مثل ارتفاع أسعار الفائدة وتكاليف النقل والطاقة، مقارنة بالمنافسين في دول أخرى. فمثلاً، إذا واجهت الشركة أعباء مالية إضافية بسبب ارتفاع تكلفة الشحن أو الطاقة أو الإجراءات البيروقراطية، فإن الحكومة تعيد لها جزءًا من هذه التكاليف بعد التأكد من تنفيذ عملية التصدير بنجاح.
انتقادات المصدرين: دعم أقل ومطالبات متزايدة
يأتي البرنامج الجديد في سياق تراكم متأخرات دعم المصدرين التي وصلت إلى نحو 60 مليار جنيه، وهو ما دفع الحكومة إلى وضع جدول زمني للسداد، لكن آلية التنفيذ ما زالت محل شكوى، خاصة مع استمرار تأخر صرف المستحقات أو ربطها بالمقاصة مع جهات حكومية أخرى. ويؤكد المصدرون أن خفض نسب المساندة التصديرية بنسبة تصل إلى 70% مقارنة بالبرامج السابقة، يضعف قدرة الشركات المصرية على المنافسة في الخارج، ويهدد خطة الحكومة الطموحة للوصول إلى 145 مليار دولار صادرات سنوياً بحلول 2030.
شروط معقدة وأعباء إضافية
من أبرز الانتقادات الموجهة للبرنامج الجديد، فرض نسب مرتفعة للتنازل عن الحصيلة الدولارية، حيث تصل إلى 70% في بعض القطاعات مثل الحاصلات الزراعية، و60% للصناعات الغذائية، و40% للصناعات الهندسية. يرى المصدرون أن هذه النسب تفرض ضغوطاً مالية كبيرة على الشركات، وتقلل من قدرتها على إعادة استثمار عائدات التصدير في تطوير أعمالها أو التوسع في الأسواق الجديدة. كما أن اشتراط زيادة المكون المحلي بنسبة 5% سنوياً، مع الإبقاء على الحد الأدنى عند 35%، يضيف أعباء إضافية على الشركات التي تعاني أصلاً من ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف البنية التحتية.
ضعف الحوافز وتراجع دعم المعارض والنقل
تضمنت التعديلات الأخيرة تقليص الدعم المخصص للمشاركة في المعارض الخارجية من 60% إلى 40%، وهو ما اعتبره المجلس التصديري للحرف اليدوية والصناعات الكيماوية عاملاً سلبياً يحد من قدرة الشركات على النفاذ إلى أسواق جديدة. كما أن دعم الشحن إلى أفريقيا، رغم رفعه إلى 2 مليار جنيه، لا يغطي التكاليف المتزايدة للنقل في ظل أزمات سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار الوقود، بحسب تصريحات ممثلي القطاعات الصناعية.
غياب المرونة وتراجع الثقة
يشكو المصدرون من آليات صرف الدعم، التي تعتمد على الدفع المسبق واسترداد الأعباء لاحقاً، ما يفاقم أزمة السيولة لدى الشركات الصغيرة والمتوسطة. كما أن غياب المرونة في السياسات الحكومية وعدم وجود قنوات حوار فعالة مع القطاع الخاص، يدفع العديد من المصدرين إلى التنازل عن برنامج الدعم باعتباره لا يحقق جدوى اقتصادية حقيقية مقابل التنازلات المطلوبة منهم.
أرقام تكشف التحديات
متأخرات دعم المصدرين المتراكمة: 60 مليار جنيه.
نسبة خفض المساندة التصديرية مقارنة بالبرامج السابقة: تصل إلى 70%.
نسب التنازل عن الحصيلة الدولارية: بين 40% و70% حسب القطاع.
قيمة الصادرات المصرية غير البترولية في 2024: 40 مليار دولار.
مستهدف الحكومة للصادرات في 2030: 145 مليار دولار.





