في خطوة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز مصادر الطاقة النظيفة، دشّنت أفغانستان أول محطة لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح بقدرة 200 ميغاواط في ولاية هرات، بحضور نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، الملا عبد الغني برادر. يمثل هذا المشروع الأول من نوعه في البلاد نقلة نوعية في مسار التنمية المستدامة، ويؤكد عزم الحكومة على استثمار الموارد الطبيعية المتجددة وتوفير حلول بديلة تخدم الاقتصاد الوطني وتلبي احتياجات المواطنين.
مشاريع الطاقة المتجددة ودورها في الاقتصاد
دشنت أفغانستان مؤخراً محطة لإنتاج الكهرباء من الرياح بقدرة 43.2 ميغاواط ومحطة شمسية بقدرة 5 ميغاواط في هرات، باستثمار يفوق 67 مليون دولار، ضمن شراكة بين القطاع الخاص وشركة الكهرباء الوطنية.
يجري التخطيط لمشروع أكبر لطاقة الرياح بقدرة 200 ميغاواط في هرات، حيث اكتملت الدراسات الفنية وأُرسل المشروع للموافقة النهائية، ويُعد خطوة مهمة لتعزيز الاكتفاء الذاتي في الطاقة وتقليل الاعتماد على الكهرباء المستوردة.
هذه المشاريع تفتح آفاقاً واسعة للاستثمار وتوفير فرص عمل جديدة، وتُسهم في تنويع مصادر الطاقة وتحسين الأمن الطاقي للبلاد.
تشير الدراسات إلى أن طاقة الرياح تُمثل حلاً اقتصادياً وبيئياً مستداماً، إذ تقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري وتوفر فرص عمل في مجالات التصميم والبناء والصيانة، كما أن تكاليف التشغيل والصيانة أقل مقارنة بمحطات الطاقة التقليدية.
رغم التحديات والانكماش الاقتصادي الحاد بعد انسحاب أميركا، بدأت الحكومة الأفغانية في السنوات الأخيرة تتجه إلى الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، خاصة طاقة الرياح، كخطوة استراتيجية لتعزيز الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الخارج. هذه المشاريع، إلى جانب ارتفاع إيرادات الدولة من الجمارك والتعدين، تمثل بوادر تحول في مسار الاقتصاد الأفغاني، لكنها لا تزال بحاجة إلى استثمارات أجنبية ودعم تقني لضمان استدامة النمو وتحقيق التنمية الشاملة.
أهمية المشروع للاقتصاد الأفغاني
يعكس افتتاح محطة الرياح في هرات توجه الحكومة الأفغانية للاستثمار في الطاقة المتجددة، وتقليل الاعتماد على الكهرباء المستوردة من الخارج، حيث تستورد أفغانستان قرابة 80% من احتياجاتها الكهربائية من دول الجوار.
المشروع يفتح الباب أمام استثمارات جديدة في قطاع الطاقة، ويوفر فرص عمل محلية في مجالات التشغيل والصيانة والبنية التحتية.
من المتوقع أن تسهم المحطة في تعزيز أمن الطاقة الوطني، وتوفير الكهرباء لمناطق واسعة من غرب أفغانستان، ما يدعم النشاط الاقتصادي ويحسن ظروف المعيشة للسكان.
دور مشاريع الطاقة المتجددة في تحفيز النمو الاقتصادي
منذ انسحاب الولايات المتحدة في أغسطس 2021، واجه الاقتصاد الأفغاني انكماشاً حاداً، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 20.7% في 2021، ثم بنسبة 6.2% في 2022، مع استمرار التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
رغم الانكماش، ارتفعت الإيرادات الحكومية بفضل تشديد الرقابة على الجمارك والضرائب، وبلغت نحو 2.4 مليار دولار في 2023.
الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة مثل محطة هرات يعزز فرص التعافي الاقتصادي، إذ تشير التقديرات إلى أن هذه المشاريع تساهم في تنويع مصادر الدخل وتوفير وظائف جديدة، وتقلل من فاتورة الاستيراد.
نمو الاقتصاد الأفغاني منذ انسحاب أميركا ودور مشاريع الطاقة المتجددة
شهد الاقتصاد الأفغاني تحولات جذرية منذ انسحاب القوات الأميركية وسيطرة حركة طالبان على الحكم في أغسطس 2021. ترافقت هذه التحولات مع تحديات اقتصادية عميقة، إلا أن الحكومة الجديدة اتجهت مؤخراً إلى الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، في خطوة تاريخية نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز مصادر الطاقة النظيفة، كما يتضح من تدشين محطة لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح في ولاية هرات.
تطورات الاقتصاد الأفغاني بعد 2021
انكمش الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان بنسبة تقارب 20% منذ عودة طالبان إلى السلطة في أغسطس 2021، بحسب تقديرات البنك الدولي ومواقع اقتصادية دولية.
سجل الاقتصاد الأفغاني انكماشاً حاداً بنسبة 20.7% في عام 2021، تلاه انكماش إضافي بنسبة 6.2% في 2022، مع استمرار التراجع في معظم القطاعات الاقتصادية الرئيسية (الخدمات، الزراعة، الصناعة).
لم يشهد الاقتصاد انتعاشاً يُذكر في 2023، مع توقعات بنمو ضئيل فقط في 2024 و2025، في ظل استمرار البطالة والفقر واعتماد شريحة واسعة من السكان على المساعدات الإنسانية.
الإيرادات الحكومية والاستثمار
رغم الانكماش الاقتصادي، ارتفعت الإيرادات الحكومية بشكل ملحوظ نتيجة تشديد السيطرة على الجمارك والضرائب، وبلغت الإيرادات في السنة المالية 2022 نحو 2.2 مليار دولار، وارتفعت إلى 210.7 مليار أفغاني في 2023، أي ما يعادل تقريباً 2.4 مليار دولار.
قطاع التعدين كان الاستثناء الأبرز، إذ وقعت الحكومة أكثر من 200 اتفاقية تعدين منذ 2021 بقيمة تفوق 6.5 مليار دولار، ما أدى إلى زيادة ملحوظة في إيرادات هذا القطاع.
يمثل افتتاح محطة طاقة الرياح في هرات نقطة تحول في مسار الاقتصاد الأفغاني، إذ يعزز فرص تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة، ويدعم جهود الحكومة في تنويع مصادر الدخل وتحقيق التنمية المستدامة. ورغم التحديات الاقتصادية الكبيرة منذ انسحاب أميركا، فإن الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة يحمل آمالاً لتعافي الاقتصاد وتحسين مستوى معيشة المواطنين في السنوات المقبلة.





