تفاجأ عدد كبير من المرضى المترددين على مستشفى أورام هرمل أمس، بمنعهم من دخول مبنى المستشفى أو الاستراحة المخصصة للانتظار، حيث أجبروا على البقاء خارجا تحت أشعة الشمس لساعات، في مشهد صادم يعكس جانبا من الارتباك والفوضى التي صاحبت نقل تبعية المستشفى إلى القطاع الخاص.
إدارة جديدة.. ومرضى مهملون
جاء ذلك بعد تسليم إدارة مستشفى أورام هرمل إلى مجموعة “جوستاف روسيه” الفرنسية، من خلال شراكة مع شركة “إليفيت”، بموجب قانون تأجير المستشفيات رقم 87 لسنة 2024، والذي بدأ تطبيقه لأول مرة عبر مستشفى هرمل، ما يجعله نموذجا تجريبيا لإدارة المستشفيات العامة عبر القطاع الخاص.
لكن الواقع الذي واجهه المرضى أمس رسم صورة قاتمة لهذا التحول.
بعض المرضى قالوا إنهم جاؤوا من محافظات بعيدة، ورغم ظروفهم الصحية الصعبة، لم يسمح لهم بالجلوس داخل الاستراحة أو دخول المبنى، ما أثار استياء واسعا.
تعطيل جلسات الكيماوي بسبب “تغيير ختم”
من جانبه، كشف محمود فؤاد، مدير مركز الحق في الدواء، عن تعطل جلسات العلاج الكيماوي للعديد من مرضى الأورام بعد انتقال إدارة المستشفى إلى الجهة الجديدة.
وأوضح أن الإدارة قامت بتغيير ختم المستشفى الرسمي، وطلبت من المرضى الصادر لهم قرارات علاج على نفقة الدولة إعادة إصدار هذه القرارات باسم الإدارة الجديدة.
وأشار إلى أن هذه الإجراءات تستغرق وقتا طويلا، ما تسبب في تأخر حصول المرضى على جلساتهم العلاجية، رغم أنهم بالفعل بدأوا مراحل العلاج مسبقا.
تسريح 25% من طاقم العمل
في خطوة أثارت المزيد من القلق، قامت الإدارة الجديدة بالاستغناء عن 25% من العاملين في المستشفى، من أطباء وتمريض، في إطار ما يتيحه قانون تأجير المستشفيات بشأن إعادة هيكلة الموارد البشرية.
تجربة أولى بملياري جنيه.. ولكن!
ورغم الانتقادات، فإن الشراكة مع “جوستاف روسيه” تتضمن ضخ استثمارات بقيمة ملياري جنيه على مدى 15 عاما، تشمل شراء أجهزة حديثة ومتطورة لعلاج الأورام.
كما ينص العقد على تخصيص 70% من أسرة المستشفى لخدمة مرضى التأمين الصحي والعلاج على نفقة الدولة، فيما تخصص النسبة الباقية (30%) لخدمات استثمارية تقدمها الجهة المديرة.
نقاط مضيئة وسط الجدل
من النقاط الإيجابية في الاتفاق، أن المعهد الفرنسي سيتولى تدريب الكوادر الطبية المصرية بقيمة تقدر بـ10 ملايين دولار، بالإضافة إلى استقدام 9 أطباء فرنسيين للعمل في مصر، بهدف رفع كفاءة العاملين في مجال علاج الأورام.
تساؤلات وانتقادات
إلا أن هذه الإيجابيات لم تمنع الانتقادات من التزايد، خاصة في ظل ضعف التنسيق في تسليم إدارة المستشفى، وعدم وجود آليات انتقال سلسة تحافظ على حقوق المرضى وتضمن استمرار العلاج.
يطرح ذلك تساؤلات حقيقية حول مدى جاهزية منظومة الصحة في مصر لتطبيق هذا النموذج من الشراكات، خاصة إذا كان ثمن “تطوير الخدمة” هو ترك المرضى في العراء، وتأجيل علاجهم.










