أعلن جهاز “مستقبل مصر” للتنمية المستدامة عن خطط لإنشاء مصنع جديد لإنتاج ألبان الأطفال بتكلفة تصل إلى 500 مليون دولار، على أن يبدأ تشغيله مطلع عام 2027، بالشراكة مع القطاع الخاص. المشروع يأتي بهدف تقليل واردات مصر من ألبان الأطفال التي تتجاوز حاليًا مليار دولار سنويًا، في خطوة وصفتها الحكومة بأنها ضرورية لتعزيز الاكتفاء الذاتي.
لكن الإعلان أثار جدلًا واسعًا بين خبراء الاقتصاد ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين تساءلوا عن مدى جدوى تخصيص نصف مليار دولار لمصنع ألبان، في ظل أزمة اقتصادية خانقة وديون خارجية متراكمة تتجاوز 165 مليار دولار. واعتبر البعض أن المشروع يأتي في سياق توسع نفوذ بعض الجهات السيادية في القطاعات الحيوية، بما في ذلك الغذاء والدواء.
عدد من المتابعين أشاروا إلى أن مصر كانت تمتلك بالفعل مصنعًا وطنيًا لإنتاج ألبان الأطفال بأسعار زهيدة، لم يكن يتجاوز سعر العبوة فيه 95 قرشًا، وكان يصدر الفائض للأسواق الأفريقية، قبل أن يتم إغلاقه واحتكار الاستيراد من قبل شركات بعينها، ما أدى إلى ارتفاع سعر العبوة إلى أكثر من 100 جنيه حاليًا.
وطرح مواطنون واقتصاديون تساؤلات حول مبررات الرقم المعلن لإنشاء المصنع، مشيرين إلى أن المبلغ نفسه يُستخدم عالميًا لإنشاء مجمعات صناعية ضخمة، وليس مصنعًا واحدًا لإنتاج عبوات لبن. كما عبّروا عن مخاوف من أن يؤدي المشروع إلى مزيد من الاحتكار، لا إلى تخفيف الأعباء عن المواطنين.
في ظل تفشي الفقر وارتفاع معدلات البطالة والتضخم في مصر، يرى مراقبون أن مثل هذه المشاريع، رغم ظاهرها التنموي، لا تُبنى على شفافية أو أولويات وطنية واضحة، بل تأتي في إطار تعزيز مصالح نخبوية واقتصادية ضيقة. ويظل السؤال قائمًا: هل سيعود هذا المصنع بالنفع على المواطن البسيط، أم أنه مجرد مشروع استثماري آخر يتسبب في تفاقم الفجوة الاجتماعية والاقتصادية في البلاد؟










